تحجز قضايا الإسلام والمسلمين حصة مُهمة هذه الأيام في البرمجة التلفزيونية للقنوات الحكومية الهولندية الثلاث. ففي موازاة التغطيات اليومية لقضايا اللاجئين الى هولندا خصوصاً والقارة الأوروبية عموماً، والتي يبحث بعضها في تداعيات وجودهم على الحياة السياسية والاجتماعية في البلد، يُعرض حالياً برنامجان ضخمان يتصديان للصور النمطية التي تواجه المهاجرين من أصول مسلمة، والمسلمين والمسلمات الأوروبيين الجدد الذين اعتنقوا الإسلام في السنوات الأخيرة، وما تثيره خطوتهم تلك من جدالات حادة داخل أسرهم وفي أوساط مجتمعاتهم الصغيرة، وأحياناً في دوائر أوسع. تماماً كما يحدث عندما يتناول الإعلام الهولندي هذه القضية، بخاصة بعدما تبدى أن من بين الذين دخلوا الدين الإسلامي من الهولنديين، من التحق في الأعوام الأخيرة بتنظيمات مُتطرفة في حروب الشرق الأوسط العنيفة المتواصلة.
يسعى برنامج «أُمّهات مغربيات»، الى أن ينفذ الى عالم الأُمّهات المغربيات في هولندا (يشكل المغاربة الجالية المسلمة الأكبر في البلد الأوروبي)، باعتبارهن الفئة التي ما زالت مجهولة لكثر، فيحاول في حلقاته الست أن يقابل نماذج مختلفة منهن. بعضها يقترب من الصور النمطية الشائعة، وبعضها الآخر كان مفاجأة حقاً، بما بلغنه في حياتهن من إنجازات، وما يبذلنه من جهد يومي لتربية أبنائهن على مُثل التسامح والتعايش المشترك في المجتمع الهولندي. فيما بينت بعض النماذج التي مرت في البرنامج، أنه من الممكن أيضاً الجمع بين الهوية الثقافية والدينية للبلد الأصلي والاندماج في البلد الجديد.
تعترف مقدمة البرنامج في بداية الحلقة الأولى منه، بالصعوبات التي واجهتها للعثور على الأُمّهات المغربيات اللواتي وافقن على المشاركة في البرنامج، فقرار الظهور في الإعلام أو عدمه ما زال عموماً بيد الرجل (الزوج/ الأخ/ الأب). إذ تنقل تلك المقدمة أصواتاً لمغربيات على الجانب الآخر من الهاتف، وهن يعتذرن عن عدم المشاركة في البرنامج. ومع هذا، يصل البرنامج الى مجموعة متنوعة منهن. إحداهن امرأة شابة انفصلت عن زوجها الأول الذي رتبته العائلة لها، وتزوجت مرة أخرى، وتعيش مع أبنائها في مدينة روتردام الهولندية حيث تعمل في وظيفة حكومية هناك.
يُقارب البرنامج مع ضيفاته قضايا تشغل المجتمع الهولندي اليوم، بخاصة علاقة هذا الأخير بالشباب المغاربة، الذين يشكل سلوك بعضهم معضلة كبيرة في الحياة العامة في البلد. لا تكشف الحوارات مع أُمّهات البرنامج ما يضيء على انحراف بعض الأبناء. كما يتبدى سريعاً أن اللواتي وافقن على المشاركة في البرنامج يحملن الهَمّ الكبير لتصحيح الصور السيئة الشائعة عن أبناء بلدهن الأُمّ. فغابت بالتالي المواجهات الحادة، باستثناء الأُمّ المغربية التي كشفت أنها لا ترغب لابنها في أن يتزوج غير مسلمة، وإن حدث ذلـــك، فسيعني خصاماً لن ينتهي.
البرنامج الثاني عنوانه «من هاغلسلاخ الى الحلال»، ويأخذ مسلمات هولنديات حديثات العهد بالدين الإسلامي مع أُمّهاتهن غير المسلمات الى الأردن في رحلة ستتوزع تغطيتها على ست حلقات تلفزيونية. والهدف سيكون خلق أجواء مختلفة لمكاشفات بين الفتيات وأُمّهاتهن، بعدما شق «الدين» فجوة في العلاقة الحميمة بينهن. هناك في البرنامج ثلاث مسلمات دخلن الإسلام قبل سنوات قليلة بعدما وجدن الأمان والسلام فيه، وأُمّهاتهن اللواتي يقلقهن ما يسمعهن عن الإسلام، وما قد ينتظر بناتهن من معاملة «عنيفة» من الرجال المسلمين، وخوفهن من أن تتبدل علاقتهن بهن.
يُرتب البرنامج عبر حلقاته، مجموعة من الاختبارات والتحديات. ويبدأ رحلته من صحراء الأردن على أن ينتهي في العاصمة الأردنية عمان. توفر الأجواء الصحراوية وتدخلات مقدم البرنامج، الفرص لفتح القلوب وكشف المخاوف بين المشتركات في البرنامج. في حين تمنح «عمان» الظروف الملائمة لمكاشفات مختلفة، بخاصة عندما يجمع البرنامج فتيات أردنيات بتفسيرات متجددة عن الحجاب ووضع المرأة في الإسلام مع فتيات البرنامج، والتي ستقود الى مُصادمات حادة، إذ يَتبيَّن أن الهولنديات اللواتي دخلن الإسلام في مرحلة لاحقة من حياتهن أكثر تشدداً في رؤيتهن للإسلام من مسلمات عديدات في الشرق العربي