الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

نساء الهند يستعن بـ «عصابة القرنفل» لردع عنف الأزواج

  • 1/2
  • 2/2

نيودلهي -" وكالة أخبار المرأة "

متلحفات بالساري القرنفلي وممسكات بعصي البامبو (السلاح الهندي التقليدي)، حارسات الأمن الهنديات بلونهن القرنفلي يزاولن عملهن في مواجهة الأزواج الذين يعتدون بالضرب على زوجاتهم، ويمنعن زواج الأطفال، ويتدخلن لحسم مشكلة المهور، ولا يترددن كذلك في التدخل لحسم العنف الناتج عن التفرقة بين الجنسين في بلد تعاني فيه المرأة من التمييز حتى قبل مولدها.
يطلقون على أنفسهن اسم «العصابة القرنفلية» بسبب الزي المميز لكل أعضاء الجماعة الذي يسمى الساري القرنفلي الهندي التقليدي.
بدأت الجماعة نشاطها عام 2006 في «أتر بداش»، وهى إحدى أفقر مناطق الهند المكتظة بالسكان والمعروف عنها زواج البنات القاصرات، وتمددت إلى كثير من الولايات، وتخطى عدد أعضائها 300 ألف عضو مسجل. وتعد عصا البامبو التي يبلغ طولها 7 أقدام جزأ لا يتجزأ من هوية الجماعة، حيث يستخدمنها للدفاع عن أنفسهن بعد حصص التدريب.
وقالت مؤسسة الجماعة سامبات بال ديفي (57 عاما): «نعم، نحن نحارب باستخدام العصا، لا أدافع عن العنف، لكن هناك أوقات يتحتم عليك فيها الدخول في عراك»، مضيفة أنه «يحدث أحيانا أن تقابل أناسا لا يجدي معهم النقاش».
وضعت أول بذرة لـ«العصابة القرنفلية» عندما شاهدت سامبات رجلا يضرب امرأة في منطقة مجاورة عام 2002، وقتها قررت التدخل في الوقت الذي انصرف فيه الكل إلى حال سبيله، حيث يعد التمييز بين الجنسين أمرا عاديا في القرية. وقام الرجل بالاعتداء على سامبات نفسها بسبب تدخلها في الخلاف. وفى اليوم التالي، قامت سامبات وخمس أخريات بتلقينه علقه ساخنة بالعصا ولم يتركنه حتى صرخ طلبا للنجدة. انتشرت شهرتها بعد تلك الحادثة، وشرعت نساء أخريات في الانضمام لسامبات ديفي للدفاع عن حقوقهن، وأسست الجماعة القرنفلية، وتطورت لاحقا إلى حركة منظمة في شمال الهند.. «ولذلك أراد كثيرون الانضمام إلينا، وقررت حينها أن أطلق اسما على الجماعة وارتداء زى موحد».
لكن لماذا اللون القرنفلي؟
قالت سامبات: «السبب أنه في السباقات والتظاهرات خارج قرانا، خاصة في المدن المزدحمة، كانت عضوات جماعتنا يتهن وسط الزحام، ولذا قررنا أن نرتدي زيا موحدا لتسهيل التعرف بعضنا على بعض، ولم نختر ألوانا أخرى قد تكون لها علاقة بأحزاب سياسية أو دينية، ولذلك استقر الرأي على اللون القرنفلي، ولذلك سمينا أنفسنا (الجماعة القرنفلية)».
وفى السنوات اللاحقة لم تنجح «الجماعة القرنفلية» في منع كثير من حالات زواج الأطفال فحسب، لكنها أجبرت الشرطة على إثبات كثير من حالات العنف الأسري، ورفعت صوتها للمطالبة بإيقاف المغالاة في المهور، وأمية البنات، مما أعطى عضوات الجماعة قوة إضافية وإيمانا إضافيا بقوتها. ولذلك على الرغم من المعارضة من عائلاتهن، واصلت السيدات تسجيل أسمائهن في الجماعة. «من خلال خبرتي، كثير من الأزواج يريدون أن تكون زوجاتهم قويات»، وفق سامبات ديفي، مضيفة: «لكننا جميعا نفعل ما يتوجب علينا فعله، ويستجيب الأزواج في النهاية».
ويقول الموقع الرسمي لـ«الجماعة القرنفلية»: «نساء الجماعة ذوات الرداء القرنفلي يحملن العصا دفاعا عن العدالة».
من دون تعليم، تزوجت سامبات في سن الثانية عشرة، وأصبح لديها خمسة أطفال في سن العشرين، وفرص دخل محدودة، وكان من الممكن أن تستسلم لظروفها شأن كثيرات غيرها، لكن حسها للعدالة الاجتماعية دعاها للارتقاء لمهام أسمى، وشكلت جيشا من النساء.
ووفق سومان سينغ، نائبة رئيس الجماعة، «إذا تطلعت سيدة إلى عضوية (الجماعة القرنفلية)، فذلك لأنها تعرضت للقمع ولا ترى مخرجا آخر»، مثل التوبيخ أو حتى ضرب رجل مخطئ، سواء كان زوجا أم شرطيا.. وهذه العضوية أعطت شعورا بالحرية لكثير من هؤلاء السيدات بالزى القرنفلي.
وأفادت سامبات بأنه على الرغم من أن الطرق غير التقليدية لتلك الجماعة قد لفتت الأنظار، فإن بال قامت بتصميم برامج تقليدية أخرى للتعامل مع حالات غير التي تصل للجماعة بصفة يومية لتقديم خدمة أكبر للمجتمع.. «سوف يتغير المجتمع في حال تخلصنا من المورث الثقافي الذي يقلل من شأن المرأة، ولو حدث ذلك فسوف نكون قد قمنا بثورة من داخلنا. وعليه، وبالإضافة إلى تأسيسنا لجماعة بجهودنا الذاتية ومجموعات للاستشارات القانونية لمعالجة الحالات الفردية، فإننا نركز أيضا على برامج لعتق المرأة. وتتنوع نشاطاتنا بين صناديق الادخار، وأنشطة الشركات التي تعمل فيها المرأة، وتعليم الفتيات».
وأضافت بال أن هدفها واضح وطموح جدا لدرجة أنها تبدوا كأنها مدينة فاضلة، «فالتخلص من عادة زواج الأطفال، وعادة المهور، والعمل ضد العنف الأسري، وتعزيز دور المرأة من خلال التربية والوعي الاجتماعي» كلها من أهداف الجماعة. وأضافت: «يجادل كثيرون بأن تلك الحقوق مصونة بالفعل في دستورنا، لكن المشكلة لا تكمن في القانون، الذي يعد جيدا، لكن في تطبيقه، فنحن نعيش في منظومة عنيفة حتى في أعلى المستويات، بين الساسة، وفي الشرطة، فإن فشلنا نحن النساء في حماية أنفسنا، فلن يحمينا أحد».
ومع مرور السنين، أصبحت الجماعة مقبولة اجتماعيا، وتم تصنيفها بوصفها إحدى مؤسسات الدولة، فأعضاء جماعة الأمن القرنفليين أصبحن لا يحتجن لعصا البامبو كثيرا هذه الأيام. وحسب بال: «قوتي الحقيقية لا تكمن في العصا، لكن في عددنا».
وتحكي سايا بانا، شابة مسلمة، قصة انضمامها إلى «الجماعة القرنفلية»، حيث توجهت لتقديم بلاغ ضد زوجها بعد أن هجرها هي وطفليها وذهب لامرأة أخرى، وأفادت: «توجهت لقسم الشرطة كي أقدم بلاغا، لكن لم ينصت أحد إلي.. وحينها قررت الانضمام إلى (الجماعة القرنفلية) للحصول على حقي، ولم أتحصل عليه إلا بعد أن رفعنا العصا ووقفنا أمام قسم الشرطة، والآن زوجي معروض أمام القضاء.. الآن ننتظر ما سيقرره القاضي».
وتقول بال: «تحقق مهامنا في تحقيق العدالة نسبة نجاح بلغت مائة في المائة، فالتعامل مع الإدارة يعد جانبا محيرا، لأننا لا نستطيع تطبيق القانون بأيدينا، خاصة في ظل التعامل مع المشرعين الفاسدين.. تخلصنا بالفعل من بعض المسؤولين الفاسدين، لكننا وقفنا عاجزين عن المواصلة، فمأجورو هؤلاء المسؤولين الفاسدين والأحزاب السياسية كثيرا ما يهددونني. فحدث ذات مرة أن أتى بعض المأجورين وهددوا بإطلاق النار علي، لكن النساء حضرن لإنقاذي وألقين بالحجارة عليهم وجعلوهم يفرون، ولم يحضروا بعدها. وعلى الرغم من أنني أسافر أغلب المرات وحدي، فإنني لا أشعر بأي خوف، فنسائي دوما إلى جواري، وهم قوتي الحقيقية».
و«جذبت (الجماعة القرمزية) أنظار الإعلام العالمي، وتناولت الصحف جماعتنا في عدة مقالات وكتب ووثائق. وفازت (الجماعة القرنفلية) كذلك بجائزة (كلفينيتور) الحادية عشرة، وجائزة (غود فراي فيليبي) للشجاعة».
وفى عام 2011، وصفت صحيفة «الغارديان» بال بأنها إحدى أقوى عشر نساء في العالم. يوجد فرع للجماعة القرنفلية في فرنسا يرأسه سيسيل رومان.
وفى عام 2010، أنتج المخرج البريطاني كيم لونغنتو فيلما عن التجربة الحياتية الواقعية للسيدة سامبات بال، تحت عنوان: «الساري القرنفلي» الذي فاز بكثير من الجوائز بمهرجانات الأفلام.
ويمجد فيلم تسجيلي آخر فاز بجائزة، مآثر «الجماعة القرنفلية»، فهنا ينظر الجميع للجماعة باعتبارها عنصر ضغط على الشرطة لتسجيل جريمة حرق فتاة تبلغ 15 عاما حتى الموت عن طريق أهل زوجها.
وقال المخرج نيشتا جاين، الذي عمل بالقرب من «الجماعة القرنفلية» لخمسة أشهر لتصوير الفيلم: «من العجيب أن يحدث في إحدى أكثر مناطق الهند تخلفا أن تجبر النساء على أن يتحلين بقوة الرجال وشراستهم في نضالهن ضد مجتمع ذكوري».
وحتى السينما الهندية جذبتها مشاهد اقتحام هؤلاء النسوة البيوت لضرب الرجال المنحرفين، وجرى إنتاج فيلم بعنوان «الجماعة القرنفلية» قام ببطولته الممثلتان مادارى ديكسيت، وجوهي تشاولا.
وفى كتاب بعنوان «ثورة الساري القرنفلي»، يحكي الروائي الباكستاني الآيرلندي أمانا فوتنيلا خان نشأة «الجماعة القرنفلية» التي بدأت بحملة للدفاع عن خادمة تبلغ من العمر 17 عاما تعرضت للاغتصاب من قبل رئيسها في العمل الذي يحتل منصبا كبيرا في الدولة. قضت الفتاة ستة أشهر مع «الجماعة القرنفلية» بمنطقة بندلخاند. وواجهت الجماعة، خاصة سامبات، اتهامات بتكوين تنظيم غير قانوني، وإحداث الشغب، ومهاجمة منشآت حكومية، وإعاقة سير العدالة. غير أن القائدة التي يبلغ عمرها 57 عاما وقفت صامدة وسط جيشها دون أن تتزحزح.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى