بات واضحاً أن من يرد التقدم الحضاري ومسابقة الأمم في ركب التنمية القوية والاقتصاد الناجح، فإن أول خطة يضعها هي عملية تعليمية ناجحة قوية تتواكب مخرجاتها مع سوق العمل بل ومع التطور التكنولوجي العالمي. لكن الصعوبة التي يتم مواجهتها دوماً هي في القدرة على تغيير ملامح الهيكلة التعليمية وطريقة وآلية عملها لتكون مرنة ومواكبة للتطورات التقنية والمعرفية في العالم.
وعندما نقول مرنة ومواكبة للتطور، فهذا يعني أن تكون قادرة على تغيير المناهج بين وقت وآخر باحترافية ومهارة، وألا نجد اكتشافات علمية جديدة، تلغي مسلمات كانت موجودة لدينا، ثم يتم الاستمرار في تغذية عقول النشء بهذه المسلمات بينما العالم تجاوزها، وقال العلم كلمته الفصل فيها، والحديث هنا ليس على مستوى المناهج التعليمية للسنوات الأولى في التعليم وحسب، وإنما على مستوى التعليم العالي أيضاً.
لذا أجد أن على من يقوم بتغذية المناهج وتصميمها، مهمة حيوية تتعلق بالاستمرار بعمله بشكل مستمر ودائم، لأن العالم مستمر في التطور، وعليه ملاحقة هذا التطور، حتى لا نقع فيما قاله مؤلف الروايات التاريخية والكاتب الفرنسي، الذي ترجمت أعماله لنحو مئة لغة، ألكسندر دوماس، عندما تساءل واستنتج في مقولته الشهيرة: «كيف يكون الأطفال في غاية الذكاء، والرجال في غاية الغباء؟ لا بد أن السبب هو التعليم».
ما أصّل له تحديداً هو تطور آلية رسم المناهج، لأنه من البديهي أن تضم جوانب تعتبر ثوابت لا يمكن أن تتغير في ظل أي تغير زمني. ولكن هناك معلومات ومعارف علمية، سريعة التبدل والتطور، تماماً كالتقنيات الحديثة، وهذه تتطلب إجراءات عدة وطرقاً لتطور العملية التعليمية نفسها. لعل من الأفكار منح المعلم مساحة ليبدع ويضع في كل عام جزءاً من المنهج الدراسي الذي يدرسه لتلامذته