«البروفيسور المصرية».. هكذا يطلق عليها خاصة بعد الإنجازات الكبيرة التى استطاعت أن تقوم بها السيدة «هدى المراغى» التى تخرجت فى كلية هندسة الإنتاج جامعة القاهرة، وحصلت على المركز الأول على دفعتها، ثم عينت معيدة بالجامعة، الأمر الذى أغضب والدتها منها لعدم رضاها عن لقب «معيدة»، فطالبتها بأن تغيره لتصبح «عميدة»، فسافرت «هدى» المعيدة إلى كندا لتحضير رسالة الدكتوراه هناك مع زوجها. على الرغم من عدم اعترافهم بدراستها هناك، ورفضهم لها أكثر من مرة، ولكن العنيدة المصرية لم تمل من المحاولة مراراً وتكراراً، حتى تم قبولها واستطاعت الحصول على الدكتوراه من جامعة الهندسة الكندية، وربما حينها لم يتوقع أحد أن تصل تلك الشابة المصرية إلى ما وصلت إليه، حتى إنها اختتمت إنجازاتها بإعلان «كندا» هذا الأسبوع، حصول الدكتورة المصرية «هدى المراغى»، أول عميد امرأة لكلية الهندسة الكندية، على وسام «أونتاريو» الكندى، تكريماً لجهودها العلمية فى مجال الهندسة، إذ يعد هذا الوسام مثل وسام الجمهورية من الطبقة الأولى.
حياة البروفيسور «هدى» لم تكن سهلة فى بلاد «الفرنجة» سواء لكونها عربية أو كونها امرأة على نحو خاص، وعلى الرغم من ذلك استطاعت أن تكون أول امرأة تحصل على الأستاذية فى الهندسة الصناعية فى تاريخ كندا، ولم يقتصر دورها عند الأستاذية التى يتمناها جميع دكاترة الجامعة، بل ترشحت إلى منصب عميد جامعة ويندسور الكندية، والتى تم رفضها فى البداية لأنها امرأة رغم أنها الأحق بها، وعاد الأمر إلى إدارة الجامعات فقرر المسئول عنها أن يرفض كل التقاليد، ما دامت هذه السيدة تستحق أن تكون فى مثل ذلك المنصب العلمى، ولتكون بذلك أول سيدة تتوج عميدة فى تاريخ كندا.
أحلام وطموحات تلك المرأة لم تتوقف عند هذا الحد الذى يعد مستحيلا لدى الكثير، بل إن السيدة المصرية أصبحت أول امرأة تحصل على شرف كونها مستشارة لوزير الدفاع الكندى، كما أنها هى المهندسة الوحيدة التى تم ذكر اسمها فى كتاب الأضواء الشمالية للمرأة الكندية المتميزة.
كما أسست «هدى المراغى» مدينة لنظم التصنيع الآلى فى جامعة ويندسور، تقع على الحدود مع أكبر مدن ولاية ميشيغان الأمريكية «ديتوريت»، وهى المدينة الأولى فى العالم المتخصصة فى صناعة السيارات، وبها أكبر معمل للهندسة الصناعية المرنة، الأمر الذى جعل شركة «فورد» للسيارات تعين «المراغى» مستشارة هندسية لها للاستفادة من أبحاثها المتجددة فى تكنولوجيا الإنسان الآلى، كما استعانت بها شركة كرايسلر للسيارات فى تحديث مصانعها.
«المراغى» لم تنس بلادها بل إن مصر تبقى فى وجدانها، إذ أنها فى نهاية العام الماضى قامت بزيارة مصر، وتوجهت لمستشفى سرطان الأقصر، لتؤكد دعمها الشخصى للمشروعات العلمية شديدة الأهمية فى مصر، والتى تقدم خدماتها بشكل مباشر إلى جموع الشعب المصرى وبخاصة الشرائح الأكثر احتياجاً، وهو ما يجسده تماما مستشفى سرطان الأقصر «كما صرحت أثناء زيارتها».
كما أنها دوماً ما تؤكد على حثها للمصريين فى الخارج على ضرورة دعم المشروعات المصرية الجادة، بالإضافة إلى دعمها للطلاب المصريين بشكل خاص فى الجامعة الكندية، على حسب ما تقوله فى جميع لقاءاتها التليفزيونية، فـ«هدى المراغى» نموذج نسائى مصرى مشرف على جميع الأصعدة، تحدت عقبات الاضطهاد الشرقى والغربى للمرأة لكى تصبح «هانم» على عرش هندسة «الآلات».