يحتفل العالم في الرابع من شهر شباط / فبراير من كل عام باليوم العالمي للسرطان ، وهو مبادرة من الإتحاد الدولي لمكافحة السرطان الذي تأسس عام (1933) في جنيف ، ويضم في عضويته المتنامية (765) منظمة من (155) دولة حول العالم ، وهو عضو مؤسس لتحالف (NCD) وهو شبكة عالمية للمجتمع المدني تضم حوالي (3000) منظمة من (170) دولة.
وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" الى أن شعار الإحتفال هذا العام تحت شعار "نحن نقدر. أنا أقدر"، ويأمل اليوم العالمي للسرطان 2016-2018 إستكشاف سبل جديدة للجميع (جماعة أو أفراد) للحد من العبء العالمي للسرطان.
ومن المتوقع أن يتواصل إرتفاع عدد الوفيات الناجمة عن السرطان على الصعيد العالمي ليصل الى 13.1 مليون وفاة في عام 2030.
وتضيف "تضامن" بأن الهدف الخامس الوارد في الإعلان العالمي للسرطان وهو "تبديد الخرافات والمفاهيم الخاطئة الضارة عن السرطان" وبإستخدام عبارة "السرطان... هل تعلم؟" ، يهدف الى نشر الوعي وتحسينه حول مرض السرطان وذلك بالحد من تداول المفاهيم الخاطئة والخرافات بين عامة الناس والتي من شأنها أن تساهم في زيادة إنتشار المرض وإضعاف فرص الشفاء منه.
فالخرافة الأولى تقول أن "السرطان هو مسألة صحية" والحقيقة هي أن السرطان ليس مجرد مسألة صحية بل تمتد آثاره على النواحي الإجتماعية والإقتصادية مما يشكل تحدياً كبيراً في التنمية إضافة الى إنعكاساته على تمتع الأفراد بحقوقهم الإنسانية. وللتدليل على صحة ذلك تشير أرقام منظمة الصحة العالمية الى أن (47%) من حالات السرطان و (55%) من وفياته تحدث في المناطق الأقل نمواً في العالم ، وهي المناطق التي يشكل الفقراء النسبة الأكبر فيها وتشكل النساء الفقيرات (70%) منهم ، وإذا إستمرت الإتجاهات الحالية دون تدخل المجتمع الدولي فمن المتوقع أن يزداد الأمر سوءاً بحلول عام (2030) لترتفع حالات السرطان في الدول النامية الى (81%).
وتضيف "تضامن" الى أن التأثيرات التي يتركها مرض السرطان على الأفراد والمجتمعات والتركيبات السكانية ستحد بشكل ملموس من إمكانية تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية ، فالسرطان بإعتبارة سبباً ونتيجة للفقر في نفس الوقت ، يؤثر في قدرة الأسر على كسب الدخل ويزيدهم فقراً مع إرتفاع تكاليف العلاج ، كما أنه وبسبب الفقر تنعدم فرص التعليم والرعاية الصحية اللذين من شأنهما زيادة فرص الإصابة بمرض السرطان والموت بسببه.
كما ويشكل السرطان تهديداً حقيقياً لصحة النساء ويحد من التقدم في مجال المساواة بين الجنسين ، حيث تشير إحصاءات منظمة الصحة العالمية الى أن (750) ألف حالة وفاة للنساء سنوياً تحدث بسبب نوعين فقط من أنواع السرطان وهما عنق الرحم والثدي ، مع الإشارة الى أن الغالبية العظمى من هذه الوفيات تحدث في الدول النامية.
ولهذا فلا بد من إدراج مكافحة السرطان والوقاية منه ضمن أولويات أجندة التنمية المستدامة لما بعد (2015). كما أن نهج شامل تتبعه كافة المؤسسات الحكومية بما فيها وزارات الصحة سيساهم في الحد من المرض والسيطرة عليه بشكل فعال ، وأن الإستثمار في مجالي الوقاية والكشف المبكر أقل تكلفة من التعامل مع عواقب الإصابة بالمرض.
والخرافة الثانية تقول أن "السرطان مرض الأغنياء وكبار السن والدول النامية" والحقيقة هي أن السرطان هو وباء عالمي يصيب الأشخاص من كافة الأعمار رجالاً ونساءاً ، أطفالاً وشيوخاً ، ويصيب كافة الفئات الإجتماعية والإقتصادية على الرغم من أنه منتشر في الدول النامية بشكل أكبر من الدول الأخرى وبطريقة غير متناسبة. وتشير الإحصائيات الى أن الوفيات السنوية بسبب السرطان تفوق الوفيات السنوية الناتجة عن مرض نقص المناعة البشرية "الإيدز" والملاريا والسل مجتمعة ، وأن (55%) من حالات الوفاة عام (2008) بسبب السرطان والبالغة (7.6) مليون وفاة حدثت في المناطق الأقل نمواً في العالم ، وبحلول عام (2030) فإن (60-70%) من الرقم المقدر للحالات الجديدة للإصابة بمرض السرطان سنوياً (21.4) مليون حالة ستحدث في البلدان النامية.
وتشير "تضامن" الى أن النساء في الدول النامية تتحمل عبئاً غير متناسب مقارنة بباقي دول العالم ، فمن بين (275) ألف حالة وفاة للنساء سنوياً بسبب سرطان عنق الرحم نجد أن (85%) منهن من الدول النامية ، وإذا لم تتخذ إجراءات وحلول للوقاية والحد من المرض فمن المتوقع وبحلول عام (2030) أن يقتل سرطان عنق الرحم (430) ألف إمرأة وكلهن تقريباً من الدول النامية.
وتضيف "تضامن" بأن الإحصائيات تشير أيضاً الى وجود تفاوت وعدم مساواة في الحصول على المسكنات ومخففات الأوجاع ، حيث أن (99%) من حالات الوفاة بسبب السرطان غير المعالجة والمؤلمة (بدون مسكنات) تحدث في الدول النامية ، وفي عام (2009) إستهلكت كل من أستراليا وكندا ونيوزيلنداوالولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية (90%) من الإستهلاك العالمي للمسكنات الأفيونية ، وأن أقل من (10%) من المسكنات المتبقية تم إستخدامها من قبل (80%) من بقية سكان العالم.
لذلك فلا بد من تدخل المجتمع الدولي بطريقة فعالة وبتكلفة مالية متاحة ومنصفة للجميع للوقاية من مرض السرطان ، مع الأخذ بعين الإعتبار أن العديد من الدول النامية تعاني من أعباء مزدوجة في تعاملها ومواجهتها للأمراض المعدية والأمراض غير المعدية بما فيها السرطان ، وتوفير الموارد المالية والمهنية لأنظمة الصحة في الدول النامية لمساعدتها في الوقاية من المرض ، خاصة وأنه يفتك بكبار السن رجالاً ونساءاً والشباب والشابات بشكل خاص في الدول النامية ، كما أنه وإن كان مرض مدمر لكافة فئات الناس إلا أنه أكثر تأثيراً على الفقراء والفقيرات والفئات الضعيفة والمحرومة مما يعرضهم / يعرضهن لخطر الإصابة بمعدلات أعلى ويواجهون / يواجهن الموت بصورة أسرع من الغير.
والخرافة الثالثة تقول أن "السرطان هو حكم بالإعدام" والصحيح هو أن العديد من أنواع السرطانات كانت تعتبر في الماضي على أنها حكم بالإعدام أصبح العلاج منها في الوقت الحالي أمر عادي لا بل أنها تعالج بطريقة فعالة لدرجة الشفاء التام ، فمع بعض الإستثناءات يعتبر الكشف المبكر للسرطان أقل فتكاً وأكثر إمكانية للعلاج من الكشف المتأخر ، ففي الولايات المتحدة الأمريكية لوحدها يعيش أكثر من (12) مليون أمريكي / أمريكية مع المرض ، وفي البلدان التي إستخدمت الكشف المبكر لسرطان الثدي لأكثر من عشر سنوات تناقصت بشكل مؤثر وهام معدلات الوفاة ، ففي أستراليا وبسبب الفحص بالأشعة لسرطان الثدي الذي أنشأ عام (1991) تم خفض معدل الوفيات بسرطان الثدي خلال العقدين الماضيين بنسبة (30%).
فالإستراتيجيات الفعالة والتكلفة المنخفضة لفحص ومعالجة سرطانا عنق الرحم والثدي إضافة للكشف المبكر عنهما تأخذ بعين الإعتبار الموارد المبنية على إحتياجات السكان تساهم جميعها في الوقاية من المرض ، إلا أنه وللأسف لا زالت الخدمات الشاملة لمرضى السرطان بما في ذلك الحصول على الأدوية الأساسية يقتصر على الأفراد الأغنياء والدول الغنية.
وتضيف "تضامن" أن تحقيق العدالة في الوقاية من مرض السرطان والرعاية اللاحقة للمصابين / المصابات به تتطلب رفع الوعي العام والسياسي بأن الحلول موجودة وبشكل متكامل إذا ما تم إدماجها بالموارد المتاحة وإعدادها بشكل سليم, بإعتبار أن من حق الجميع الوصول والحصول على الخدمات الصحية الفعالة خاصة المتعلقة بمرض السرطان وضمان التشخيص المبكر الذي يؤمن فرص أعلى للعلاج الفعال والشفاء.
أما الخرافة الرابعة فتقول أن "السرطان هو قدري" والحقيقة هي أنه بإتباع الإستراتيجيات الصحيحة يمكن منع ثلث أنواع السرطانات ، فالسياسات العالمية والإقليمية والوطنية التي تعزز أنماط الحياة الصحية تقلل بشكل كبير السرطانات التي تنتج عن عوامل خطر كالنظام الغذائي والتدخين والكحول والنشاط البدني ، وإستناداً للإتجاهات الحالية فالتقديرات تشير الى أن التدخين سيقتل مليار شخص خلال القرن الحادي والعشرين ، والتدخين مرتبط بـ (71%) من حالات الوفاة بسرطان الرئة و(22%) من مجمل وفيات السرطان. وتعاني الدول النامية من عبء مزدوج حيث ترتفع نسبة الإصابة بالسرطان بسبب الإلتهابات كإلتهابات المعدة وإلتهاب الكبد الوبائي. إضافة الى الأسباب البيئية المسببة للسرطان كالتعرض المفرط لأشعة الشمس أو التعرض لتلوث الهواء في الأماكن المغلقة.
وتؤكد "تضامن" الى أن نقص المعلومات وقلة الوعي العام حول مرض السرطان يشكلان عقبة رئيسية أمام الوقاية منه خاصة ما تعلق منها بإتباع أساليب الكشف المبكر في المراحل الأولى وعلاجه ، لذا فيجب أن لا تأخذ برامج الوقاية الفعالة بالحسبان العوامل الإقتصادية فحسب وإنما أيضاً العوامل الإجتماعية والثقافية ، لتعمل على تحسين المعرفة الصحيحة بالمرض وتحد من الخرافات والمفاهيم الخاطئة الضارة التي وصلت الى حد الخوف من ذكر إسم المرض أو إخفاء الإصابة به عن الأقارب والمعارف ، إضافة الى توسيع فرص الحصول على الخدمات وتشجيع الأطعمة الصحية وممارسة النشاطات البدنية.
من جهة أخرى أشار التقرير السنوي لوبائية السرطان في الأردن لعام 2011 عن وجود 6971 حالة سرطان في المملكة، 67 % منها لأردنيين، مقارنة بـ6820 حالة للعام 2010.