الأحياء اليهودية في إسرائيل بعضها يعيش انغلاقا فكريا كبيرا، يصل إلى العزلة الاجتماعية داخل المنزل الواحد، فالرجال لا يجلسون مع النساء ولا يحادثونهن، لذلك في الآونة الأخيرة ظهر نساء يلبسن اللباس المحتشم: كغطاء الوجه، ولبس العباءة السوداء، وعدم إظهار أي عضو من الجسد، وفي إسرائيل يطلق عليهن لقب (نساء طالبان)، وسبب التسمية يرجع إلى ما ذكرته CNN نقلاً عن راديو إسرائيل، بأن «النساء المذكورات يطلق عليهن اسم (نساء طالبان)؛ كون لباسهنّ مشابهاً للأزياء التي ترتديها المسلمات المحتشمات في أفغانستان، «ويقول العلماني الإسرائيلي يائير نيهوراي صاحب رواية (طفل امرأة طالبان): إن النساء اللاتي بدأن بالعودة إلى الدين في إسرائيل قد تعرضن للعنف، ومشاكل متنوعة فيما مضى من حياتهن.
هناك محاولات من المراجع الدينية في إسرائيل؛ للحد من ظاهرة الغلو في الاحتشام، ورغم العمل على هذه المحاولات، فإنه في نفس الوقت تصدر المراجع الدينية اليهودية فتوى تحرّم استخدام الهواتف المحمولة على النساء في إسرائيل، وهذا يماثل القرار الذي صدر بشرق الهند والمتمثل بحظر الهاتف المحمول على النساء.
المتشددون في إسرائيل يرفضون التغيير ويفضلون العزلة الاجتماعية، وعدم العمل، ويفضلون تلقي الإعانات الاجتماعية، لذلك يقول الحاخام أمسيليم نقلاً عن الوطن القطرية: إن أكثر من 60% من رجال الدين المتشددين في إسرائيل لا يعملون، وهذا مؤشر واضح على تلك العزلة التي تتنامى لتخلق تطرفاً دينياً، قد يتجاوز الحريات الشخصية إلى عدم قبول التعايش مع الآخر، وعوداً على لقب «نساء طالبان» فأخشى أن هذه اللقب لم يأتِ عبثاً، فهناك دراسة أوردتها صحيفة التلجراف البريطانية عام 2010م، والتي تقول إن «طالبان» في أفغانستان وباكستان واحدة من عشر قبائل مفقودة من القبائل الإسرائيلية، لذلك تقوم إسرائيل بتمويل دراسة لإثبات هذه العلاقة وأخذ عينة DNA للمقارنة.
المتشددون اليهود في إسرائيل يدعون أن هذا التشدد نابع لاتباعهم «التوراة»، ولعله من المناسب أن أختم بكلمة للأستاذ يوسف الكويليت، يقول: «إن تدعي إسرائيل أنها بلا تعقيدات دينية أو عرقية، يكذبها النموذج المطروح حالياً، والذي أفزع العلمانيين، فالجذور الشرقية موجودة بانغلاقها ورجعيتها وحتى لو قلنا إنها متقدمة تقنياً، وتعد من المجتمعات المتطورة، فالنظام الديني مكرس ليس في السلوك تجاه العرب، بل بالذهنية التي توارثت هذه المسلمات، وإرادات تطبيقها بحذافيرها على مجتمع يدعي المدنية والحضارة المعاصرة».