الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

المرأة السورية.. ريادة في ضخ الطاقة الايجابية

  • 1/2
  • 2/2

خلاف أولئك السوريات اللواتي ينشطن ولو بنسب متفاوتة في المجال السياسي والإغاثي والإعلامي، ثمة شريحة من النساء مهمشة ويكاد يختفي صوتها، وهي التي دفعت الغالي والنفيس في سبيل ضخ الطاقة الايجابيةالمجتمعية في البلاد، وساهمت بشكل مباشر في تعزيز ديمومة الحراك الثوري ومن ثم العسكري في وجه الانفلات الدموي الممارس من قبل أجهزة النظام وحلفائه.
جهود
فتلك الشريحة التي تبذل جهوداً جبارة في الأرياف والبلدات البعيدة عن مراكز المدن الرئيسية، تسعى للتغلب على ظروف الحصار والحرب والدمار اليومي، لحماية ما تبقى من أفراد العائلة وتأمين المأكل والملبس والمشرب، والمساهمة بشكل طوعي في إنقاذ الجيل الصاعد من آثار الأمية والتأزم النفسي والاجتماعي جراء صدور تقارير دولية تحذر من انتشار الأمية وما يرافقها من العوامل النفسية الشاذة لدى الجيل الصاعد بسبب العنف اليومي.
في ريف مدينة دير الزور شرقي البلاد، تصم أصوات طيران القوات النظامية التي تُحلّق فوق رؤوس النسوة وهن يعملن في حقل الفلاحة آذانهن، حيث لا يملكن وسائل ردع لحماية أنفسهن وأفراد عائلتهن من القصف الممنهج، لكن يملكنّ قوة وصموداً من رحم تلك الظروف القاسية. فالمرأة في الأرياف تقضي جلّ وقتها في تحضير الطعام وتربية الماشية في ظل غياب معيل العائلة وانعدام أبسط مقومات الحياة، وذلك في خيام النزوح المنتشرة بكثرة بين الحقول الزراعية، بسبب سعير المعارك الدامية في المدينة. وبذلك يصبح العبء مضاعفاً عليهنّ.
كفاح
وتقول أم فاطمة ولديها خمسة أطفال صغار، وتعمل في الفلاحة بريف دير الزور:" نعمل ونكافح من الفجر إلى المساء في فلاحة الأرض كي نسترزق منها، وخاصة أن زوجي أصبح معاقاً بسبب قتاله ضد قوات النظام، وأصابنا التعب والإرهاق البدني والنفسي، لكننا لا نملك خياراً سوى السعي إلى تأمين مقومات الحياة في سبيل إنقاذ العائلة من الانقراض".
وتضيف بحرقة شديدة:" قبل خروجنا من المنزل صوب الأراضي الزراعية، نُجهّز خبز الساج لأفراد أسرتنا، ونقصد الحقول بغرض جمع الخضار والأعشاب الشتوية وبيعها في الأسواق المحلية القريبة. ولم يعد هناك خبز ولا دواء ولا حطب، فأزواجنا قتلوا في المعارك، وأولادنا اعتقلوا في سجون النظام، ومنهم من أصيب وأصبح مشلولاً، بينما انضم الآخرون إلى صفوف الثوار".
ولا يختلف دور المرأة في الريف عن نظيرتها العاملة في المدن، بل على النقيض، حيث تكون العاملة بالريف، ترزح تحت مشقات أليمة، وأن تصدرت صورة الرجل المشهد العام، إلا أنها تقف في الخطوط الخلفية بكل طاقاتها، وأحياناً تتقدم إلى الصفوف الأمامية لتأمين مستلزمات الحياة.
وسام شاب في العشرينات من عمره، أصيب في مواجهات مع قوات النظام، يعتقد أن معظم الرجال تفرغوا للقتال وغالبيتهم تعرضوا لإصابات خطيرة، بينما الضغوطات والأعباء اليومية تقع على كواهل النساء. ويتساءل كيف يبقى صوت المرأة خافتاً وهي التي دفعت أثمان باهظة جراء تحملها المعاناة والأوجاع وفقدان فلذات الأكباد، وهي تتحمل في ذات الوقت مسؤولية الرجال في تأمين مقومات الحياة الضرورية لأفراد أسرتها؟.
فإن كانت المرأة الريفية تكافح ليلاً ونهاراً في سبيل تأمين القوت اليومي لعوائلها، فثمة نسوة في مدينة منبج بريف حلب الشرقي اجتمعن في هيئة تحت يافطة "فتيات غد الحر" في سبيل تنوير وتعليم الجيل المقبل، حيث تتركز عمل الهيئة في نشر التوعية الصحية والتثقيفية وسط الأمهات والأطفال وخاصة تلك العائلات التي هربت إلى منبج خوفاً من القصف والحصار. كما تشجع الكبار والصغار على القراءة وكتابة القصص والرسومات.
وتقول رانيا وهي من ضمن أعضاء الهيئة إن :" الهيئات المدنية النسوية لها مقدرة وفاعلية على تخفيف الآثار النفسية والاجتماعية من ذاكرة الأطفال، ولا يمكننا الإدعاء أننا نستطيع إلغاء كافة الآثار السلبية المتراكمة في مخيلة الطفل جراء العنف الدموي، لكننا نهدف إلى التقليل من حدتها بغرض التكيف مع محيطهم الاجتماعي ريثما يحين الاستقرار في البلاد بعد سقوط النظام.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى