معلوم للجميع أن الإسلام لم يفرق بين المرأة والرجل في الحقوق والواجبات، بل ساوى بينهما وجعل الحق حقا أيا من كان صاحبه ذكرا أم أنثى، فالله تعالى يقول: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ}، والنبي صلى الله عليه وسلم وفي شواهد كثيرة من سيرته العطرة أوصى المسلمين بحسن معاشرة المرأة ورعايتها وعدم التعدي على حقوقها أو إهمالها أو التقصير بأي من شؤونها.
وفي عصرنا الحاضر المليئ بالجهل والمفاسد الناتجة عن سوء الفهم ازداد الأمر بحسن رعاية المرأة المسلمة، إذ أصبحت الحياة صعبة والتحديات التي تحيط بالإنسان عموما وبالمرأة المسلمة خصوصا باتت كثيرة ومتنوعة ومتشعبة، مما يعني أن الجهود التي كانت تبذل قديما لرعاية شؤون المرأة المسلمة لا بد أن تضاعف اليوم، بل وأن تكون بصورة أكبر وأوضح وأكثر فعالية.
ولكن وللأسف الشديد فإن الخطاب الدعوي في لبنان بمختلف فئاته غفل عن هذا الأمر غفلة تامة، حتى خلت مواضيعه ومجالاته كلها من مخاطبة العنصر النسائي.
ومن هنا... نكتب ونقول..
في بلادنا مساجد غير قليلة تشتمل على أماكن للنساء، وهذا أمر نرى له أثرا محمودا عند النساء بفضل الله، فلماذا لا يتم تخصيص خطبة شهريا يكون محورها مرتبطا بالمرأة المسلمة ومشاكلها..؟!
لماذا لا يخصص كل خطيب في كل مسجد خطبة شهريا يتحدث فيها عن القضايا التي تتعلق بأحوال وظروف وهموم المرأة اللبنانية أما كانت أو أختا أو زوجة أو ابنة..، فيقدم لها ما ينير الدرب ويعينها على العمل وفق كتاب الله وسنة النبي صلى الله عليه وسلم..؟!
بل وأقول لماذا لا يتم وضع صندوق خاص للاقتراحات في القسم الخاص بالنساء داخل المسجد ليأخذ منه الخطيب موضوع الخطبة فتكون مؤثرة وفاعلة في نفوس النساء...؟!
إن مواضيع الدعوة إلى الله ليست حكرا على الرجال، وليست محصورة في المواضيع السياسية التي «صدّع» بعض الخطباء رؤوسنا بها، ولكن أوسع وأكبر لتشمل كل مناحي الحياة، فكيف بذلك الكائن الذي يشكل نصف المجتمع ويربي النصف الآخر...؟!
إن هذا الاقتراح ليس من باب «البروباجاندا» الإعلامية، ولا من باب الظهور بمظهر المناصر لقضايا المرأة، ولكنه أمر ضروري تحتمه علينا بحور الفساد التي استوطنت مجتمعاتنا وأصابت شظاياها كل الأفراد وخاصة النساء، إذ غابت كل مناقشة جدية لأمورهن في المساجد في الوقت الذي استباحت فيه وسائل الإعلام كل المحرمات فخاضت بمواضيع نسائية فاسدة ومفسدة حتى ألهيت المرأة عن أساس دورها وعن رقي مكانتها..
المرأة أيها السادة تأتي إلى المسجد... وتستمع إلى الخطبة.. ولكن في كل مرة ترى أن أمورها وهمومها مهملة عند الخطباء... فهل سنرى خطوة فاعلة ورائدة تعيد الأمور إلى نصابها.. فتعدل في الخطاب الدعوي بين الرجل والمرأة..؟!