لأنها الأم ولأنها الزوجة والأخت والبنت ، لأنهن الأكثر تضررا مما حدث ويحدث من صراع دائر على الأرض السورية، كان لابد لصوتهن أن يرتفع ويعلو لتكون الكلمة لهن ويكون الخيار خيارهن .
لم تكن المسافات عائق أمام معظمهن فقد تحملت نساء حلب مشقة السفر و تحدين الأحداث الدائرة على أرض محافظاتهن ليصلن إلى دمشق وكذلك فتيات الحسكة ، ومثلهن بنات القنيطرة والسويداء والرقة و طرطوس واللاذقية وحمص والسلمية و الزبداني ودرعا وحماة وباقي ريف دمشق باقي المناطق . فاجتمعت أكثر من ستين سيدة هن سيدات سوريات مستقلات ، يمثلن كافة أطياف المجتمع السوري، وسيدات من ملتقى سوريات يصنعن السلام في السادس من الشهر الجاري . اجتمعن كي يكون لهن صوت واضح في جنيف رغم عدم تعليقهن الآمال الكثيرة على جنيف 2 لكهن لم يردن أن يتحن الفرصة للنساء لم يعانين ماعنينه من آلام ومشاق أن يتخذن القرارات نيابة عنهن وباسمهن . وخاصة بعد أن دعت منظمة الأمم المتحدة للمرأة مؤتمرا في 12 كانون الثاني/يناير الحالي لاختيار ممثلات للمجتمع المدني السوري للمشاركة في مؤتمر "جنيف 2" المزمع عقده في سويسرا بتاريخ 22 الجاري.حيث اعتبرت المجتمعات إن اختيار الحضور من قبل الأمم المتحدة بالاستناد إلى معايير سياسية لا يمكن له أن يعبّر بأي شكل من الأشكال عن المجتمع المدني السوري، وخاصة النسوي منه. حيث أن المجتمع المدني لا يجوز بالمطلق أن تكون له هوية سياسية حزبوية، ولا يجوز أن يُجيّر لصالح فئة أو توجه سياسي معين.
وأضافت المجتمعات أننا نرى أن حصر الدعوات في الخمسين امرأة المختارة من قبل الأمم المتحدة، استنادا للمعيار السياسي، لا يمكن أن يعبر، بأي شكل من الأشكال، عن المرأة السورية. لأنه لم يتم الإعلان عن أسماء المرشحات بشكل مسبق، ولم يتم التواصل مع الهيئات والمنظمات النسوية السورية، خاصة تلك التي تعمل على أرض الواقع داخل البلاد، بل تم الاختيار على أساس الأسماء الفردية. في الوقت الذي اعتمد هذا أيضا على ترجيح شخصيات مقيمة خارج سوريا على حساب المقيمات في الداخل السوري و رفضت دعم اي مؤتمر للنساء في داخل سورية .
إننا في "ملتقى سوريات يصنعن السلام" ومجوعة السيدات المستقلات نرفض بشكل مطلق أن تقوم الأمم المتحدة باختيار ممثلات عن النساء السوريات، أو أن تختار المجموعة النسائية التي ستحدد الممثلات عن النساء السوريات في مؤتمر جنيف 2 فدور الأمم المتحدة يجب أن يقتصر على مساندة السوريين على القيام هذه العملية وليس القيام بها نيابة عنهم. وهذا الأمر هو من حق السوريين جميعهم، خاصة أولئك الموجودين في الداخل السوري وفي مخيمات اللجوء في الدول المجاورة، لأنه يندرج ضمن حقهم في تقرير مصيرهم ومستقبل حياتهم كما حدده ميثاق حقوق الإنسان، الذي أسست الأمم المتحدة على أساسه.
ونظرا لقرب موعد انعقاد مؤتمر جنيف2 فقد توصلت المجتمعات إلى التأكيد على أن مؤتمر جنيف 2 يحتاج لكي ينجح في الوصول إلى غاياته في إنهاء النزاع المسلح والوصول إلى حل سياسي للأزمة السورية، إلى أن يضمن مشاركة ممثلين حقيقيين عن عموم السوريين والسوريات داخل سورية، مع التشديد على تمثيل النساء داخل البلاد في العملية التفاوضية المزمع إطلاقها في المؤتمر، وأن يكون لهؤلاء الممثلين دور فعال من خلال مسار سياسي حقيقي.
كما خلص المؤتمر إلى أن مؤتمر جنيف 2 هو اتفاق على السلام يتطلب العمل الجدي لاتخاذ تدابير تمنع توريد الأسلحة والمسلحين إلى الأراضي السورية، والكف عن توريد الإرهاب إلى سورية عبر دول الجوار، لكنه مع ذلك لا يجوز له المساس بمقومات الكيان السياسي السوري، خاصة مسألة كتابة دستور جديد، أو تشكيل هيئة للقيام بذلك، فهذا حصراً حق مطلق للسوريين عبر أشخاص ينتخبونهم بإرادتهم الحرة.
و قد خلصت المشاركات إلى التأكيد على ضرورة العمل على وضع برامج خاصة بإعادة المهجرين والنازحين، وضمان حماية حقوقهم الإنسانية، وأهمها حقهم في المواطنة الفاعلة، كذلك يجب وضع برامج واضحة لفك الحصار عن الأماكن المحاصرة، وأخرى لدمج المرأة في العملية الديمقراطية وإعادة الأعمار، وبرنامج وطني لجمع السلاح غير الشرعي من أيدي جميع الأطراف، وإعادة دمج المسلحين في المجتمع.
وسبق أن أقام الملتقى ثلاث ورشات في السويداء وحلب واللاذقية، وقام بتوزيع استبيان عن أولويات المرأة السورية لمؤتمر جنيف على اكثر من 6000 امراة في كل أنحاء سورية.
وفيما يلي نص الميثاق الذي وقعت عليه الحاضرات:
الميثاق:
نحن السوريات المجتمعات في دمشق، صوت سوريات من كافة محافظات القطر، وانعكاس فسيفساء المجتمع السوري، ورواة المعاناة والآلام التي مرت بها سورية، ودليل استدامة وحياة المجتمع السوري، اجتمعنا لنصوغ للعالم رؤيتنا كسوريات، وغاياتنا التي نرى أن على المجتمع الدولي أن يأخذها جدياً، في ضوء استحقاق جنيف 2.
وتتلخص رؤيتنا بالنقاط الرئيسة التالية:
- ضرورة وقف دوامة العنف واتخاذ اجراءات وتدابير تمنع تصدير الأسلحة والمسلحين إلى الأراضي السورية.
- ضرورة فك الحصار عن المناطق وتسهيل وصول الإغاثة الحقيقية للمتضررين.
- نؤكد على وحدة البلاد ورفض أية تسوية سياسية على أساس عرقي أو مذهبي أو طائفي.
- نرفض أي تدخل دولي في قضايا تتعلق بشكل الدولة القادم أو الدستور؛ لأن هذه مسؤولية الشعب السوري.
- ضرورة الكف عن المتاجرة بالقضايا الإنسانية.
- رفع العقوبات الاقتصادية عن سورية وتسهيل تدفق البضائع والخدمات الأساسية للمساهمة في تسريع عملية التعافي الاقتصادي.
- إن مؤتمر جنيف مؤتمر دولي يخص المسألة السورية، ولابد لنجاحه ووصوله إلى غاياته، من ضمان مشاركة عموم السوريين والسوريات داخل سورية بدور فعال وحقيقي، من خلال فسح المجال للحريات السياسية وحرية العمل للمجتمع المدني والإعلام.
- التطلع لأن تكون سورية الغد دولة المواطنة على أساس حقوق الإنسان.
- التأكيد على ضرورة إشراك نساء الداخل السوري في العملية التفاوضية بصفتهن ممثلات للنسيج السوري.
- ضرورة العمل على إدماج المرأة في العملية الديمقراطية ومشاركتها الفاعلة في عمليات نزع السلاح وإعادة الإعمار والعدالة الانتقالية.
- ضرورة البت بمصير المخطوفات والسجينات وعدم استغلالهن كوسائل ضغط.
- ضرورة التعاون الدولي ببرامج اقتصادية لتمكين المتضررات اقتصادياً وبرامج تعليمية لأطفال سورية.
نحن النساء المجتمعات، نطلق نداءنا من أرض سورية للعالم أجمع، ونخص به الجهات الدولية المعنية والمشتركة في الأزمة السورية، أن يكون عام 2014 عاماً للسلام والأمن في سورية، ونعلن تبنينا للنقاط أعلاه.