تستدكر الامة العربية والاسلامية في كل عام مولد سيد الكائنات محمد عليه افضل الصلاة والسلام , ونكتب عن هذه الذكرى العطرة ليس الهدف منها إقامة الاحتفالات والمهرجانات وتزيين الشوارع بالكلمات والآيات والأحاديث النبوية الذاكرة للرسول وسيرته؛ بل الهدف منها استقراء الدروس والعبر التي لا تنضب، إنها ذكرى الاعتبار والاتعاظ لا ذكرى الاحتفال والابتداع، إنها ذكرى معرفة رحمة الله تعالى بهذه الأمة أن بعث فيهم رسولاً منهم يخرجهم من الظلمات إلى النور، كيف لا وهو سيد المرسلين الذي لا ينطق عن الهوى.
فيقف العالم الاسلامي كل عام في دكرة المولد النبوي الشريف وقفة استلهام الدروس والعبر , والسير على نهج وخطى الرسالة المحمدية الشريفة التي ارست قواعد الانسانية في البشرية جمعاء .
فما احوجنا هده الايام الحالكة التي تمر بها الامة العربية والاسلامية ما احوجنا الى اعادة قراءة سيرة نبينا محمد صلي الله علية وسلم فقد كان عليه السلام أشدَّ ما يكون رفقًا بالإنسان وهو القائل: ليس منا من لا يرحم صغيرنا، ولا يوقّر كبيرنا: حتى إنه كان يسعى جاهدًا للبحث عن أعذار حتى للعصاة، كي لا يقيم عليهم الحد أو ليخففه عنهم، رأفة بهم وفتحًا لباب التوبة أمامهم.
يصف النبي محمد صلى الله عليه وسلم بالخلق والحزم ، إذا قال فعل وعازماً صارماً إذا همّ أو أمضى ، عادلا إذا حكم ، حكيماً إذا تصرّف أو قضى ، جمع الله له عقلاً وافراً وخلقاً رضياً ويدا كريمة ونفساً عفيفة وضميراً نقياً وصدراً رحبا واسعاً وذهنا حاضراً ورأيا سديداً ونظرات بعيدة وتدبيراً حسناً ، اتسعت دائرة علومه ومعارفه من غير دراسة ولا مطالعة ولا جلوس إلى معلم ، إنما هي فطرة الله الذي أحسن كل شيء خلقه ..
فيما نعيش اليوم زمن ناس يدعون حب الرسول عليه السلام ويجهلون تعليماته , توصياته دعواته لرص صفوف المسلمين وتحقيق الوحدة الاسلامية بالحوار والاقناع لا بالدم باسم الاسلام , فقد كان النبي رسولاً للمحبة والوحدة والحوار والسلام , ما لم تنتهك حرمات الله، وما لم يسفك دم بغير فساد في الأرض. فهل يستوعب ذلك أولئك الذين يفجرون الناس بالسيارات المفخخة أو بالأحزمة الناسفة - ويقتلون الناس بدون وجه حق ويعينون الاعداء على قتل اخوتهم في الاسلام , بدم بارد ...
اين هم دعاة الاسلام في العراق ؟ حيث يدبح ابناءه كل يوم باسم الطائفية المقيتة واين هم احباب الرسول في مصر ؟ والمسلمون يقتلون بعضهم تنفيدا لمخطط اجنبي , اين دعاة الاسلام من مدابح سوريا يقتل الاطفال , النساء ويعدب الشباب . ولا ادكر قضية العرب الاكبر فلسطين وبيت المقدس حيث عاث اليهود فيه فسادا وعلى مرأى ومسمع العالم اجمع , الا ايها المسلمون اتعظو ورصو صفوفكم فما يجري نصراً لاعداد الاسلام وتصفية للمسلمين في ارجاء المعمورة .
وحرّيٌ بنا الرجوع للنبع المُحمّدي الصافي ونبد ما زرعه فينا اعداء الاسلام والانسانية من تفرقة وضغنينة وكراهية ، من طائفية وعِرْقية.. وعصبيّة جاهلية مقيتة، ولنستلهم من هذه الذكرى العطرة، ومن صاحب الذكرى، المعاني والعبر التي تعيننا على تجاوز محنتنا وإخفاقاتهم، ونعود إخواناً متحابين كما أمرنا الله ورسوله.
كما أن العراقيين مطالبون بأن يجعلوا من ذكرى المولد النبوي الشريف مناسبة لجمع الشمل والتوحد من أجل مصلحة ومستقبل العراق تحت خيمة الوطن الواحد والهوية الوطنية الجامعة وأن ينبذوا الخلافات والشقاقات التي يبثها ويزرعها أعداء العراق، وأن يعملوا لإنقاذ بلدهم وإعادته حراً كريماً موحداً ينعم أهله جميعا بالرخاء والحياة الطيبة والإرادة الحرة...
ولعل دكرى مولد سيد الكائنات توقد في نفوسنا جدوة الامل بغد افضل برجال استلهمو فصول الرسالة والمحمدية وترجموا معانيها بصيغة افعال ينجلي فيه وجه الاسلام الحقيقي , فقد قال حبيبنا عليه الصلاة والسلام " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"نسال الله ان يجمل المسلمين بها والاجتهاد على ابرازها والتحلي بها .