دخلت اللبنانية سارة بيضون، صاحبة دار «سارة للحقائب» (Sarah’s bag)، العالمية من بابها العريض، بعد أن فازت بجائزة «أوسلو لأعمال السلام».
هذه الجائزة التي تشرف عليها لجنة تحكيمية مؤلّفة من قدامى الحائزين على جائزة نوبل للسلام والاقتصاد، والمعينين من قبل قسم الميثاق العالمي وبرنامج الأمم المتّحدة الإنمائي وغرفة التجارة الدولية، وصف أحد حكّامها البروفسور مايكل سبانس، أستاذ في جامعة ستانفورد في كاليفورنيا، الحائزين عليها بأنهم استطاعوا إحداث الفرق بمجتمعاتهم وبأسلوبهم الخاص. وأضاف أنهم «يستحقّون منّا التقدير والإعجاب والاحترام والاعتراف بالجميل».
وكانت بيضون واحدة من بين ثلاثة حصلوا على هذه الجائزة لعام 2016. وهما دكتور جنيفير نكويني ريريا من نيجيريا، وتوري ليردال من النرويغ.
وروت سارة بيضون كيفية إعلامها بالترشّح لهذه الجائزة قائلة: «لقد تمّ الاتّصال بي منذ بضعة أسابيع من قبل هذه المؤسسة، فأخبروني بأنني واحدة من بين المرشحين الثمانين المنتقين من العالم أجمع، ولأعلم بعدها بأنني حصدت الجائزة إضافة إلى اثنين آخرين». وكان أول تعليق صدر عن صاحبة دار «سارة للحقائب» ما كتبته على صفحتها الإلكترونية على موقع «فيسبوك» قائلة: «لقد نجحنا وكتبت عنّا الصحف العالمية وبينها (نيويورك تايمز)، وأريد أن أقول شكرا لأولئك النساء الرائعات اللاتي يشكّلن العنصر الأهم في عالمنا الصغير في صناعة الحقائب. هؤلاء النساء الموهوبات اللاتي جعلن من حقائبنا ماركة مميّزة، بعد أن وثقن بها كصناعة فأوصلوها إلى العالم أجمع».
وتجدر الإشارة إلى أن دار «سارة للحقائب» بدأت صناعتها هذه منذ أكثر من ستة عشر عاما، عندما قرّرت الاستعانة بأنامل نساء سجينات في سجن بعبدا في لبنان، لتطريز الحقائب المصممة من قبلها، راغبة من خلال ذلك في إعطائهن فرصة عيش كريمة أثناء تمضيتهن عقوبتهن في السجن أو عندما يغادرنه إلى غير رجعة.
وهكذا كبرت هذه الصناعة لتصبح ماركة عالمية استقطبت أشهر النساء في العالم أمثال أمل علم الدين كلوني، وملكة الأردن رانيا، والممثلة كاترين دونوف، وغيرهن من أسماء الشهيرات في عالم الأضواء. وتميّزت تصاميم دار «سارة للحقائب» بتطريزات يدوية لعبارات بالعربية «أمي يا ملاكي». كما حملت أقوالا مأثورة أو مطلع أغان معروفة لفيروز وأم كلثوم وغيرهما. وتمسّكت سارة بيضون بالفنّ الشرقي لتدخله تصاميم حقائبها من خلال حياكة خيوط ورسوم وخطوط عربية المنحى عليها. فيما استطاعت استقطاب العالم الغربي من خلال تصاميم حديثة تحاكي أفكار الشباب وأناقة المرأة الغربية الراقية معا.
استطاعت دار «حقائب سارة» مع الوقت أن تحدث الفرق ما بينها وبين دور أخرى اشتهرت في تصاميم عالم الحقائب، وشعرت كلّ سيدة تحمل واحدا من تصاميمها بأنها تحمل على كتفها أو بيدها فرحة إحدى السجينات، اللاتي وجدن في عملهن هذا فسحة الأمل الوحيدة التي تحلّق بهنّ في سماء الحرّية خارج قضبان السجن.
وتقول سارة بيضون، في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «مع هذه الجائزة أثبتنا أن المرأة العربية يمكن أن تشارك في مجال الأعمال من خلال ابتكاراتها، فتولّد حالة من التأثير الإيجابي حولها وفي مجتمعها. كما أنها تمثّل اعترافا بنموذج المؤسسة الاجتماعية المنبثقة من القلب كالذي ينبض في حقيبة سارة».
وأضافت: «أعتقد أن المؤسسات التجارية صغيرة كانت أو متوسطة الأعمال، يمكنها أن تلعب دورا مهما في معالجة القضايا الاجتماعية الملحّة التي نواجهها في منطقتنا. وبرأيي أن هناك كمّا من الإمكانيات والإنجازات والاحتمالات، التي في استطاعتنا اتباعها في تلك المؤسسات لتدريب وتوظيف طاقات بشرية واجتماعية وبيئية نتبناها من خلال تخصيص جزء من أرباحنا لتحقيقها». وتختم: «عندما نتبنّى هذه الخطط فإننا نساهم في إيجاد العمل لكثيرين من الأشخاص الذين يعيشون البطالة رغم أنهم يتمتعون بقدرات مدفونة في أعماقهم».