الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

كلمات إلى أنصار تربية العصا !

  • 1/2
  • 2/2

الكاتب الصحفي: توفيق أبو شومر - فلسطين - خاص بـ " وكالة أخبار المرأة "

في إحدى حلقات النقاش حول التعليم والتربية، استثارني أحدُ المنسوبين إلى التربية والتعليم، وهو يُعلق على انحطاط مستوى التعليم، عندما قال:
"انحطَّ التعليمُ وتردَّى حينما توقَّفَ المدرسون عن استخدام العصا"!!!
وأضاف المقولة المشهورة:" كنَّا عندما نرى المدرسَ قادما في الشارعِ نهربُ منه خوفا!!"
إنَّ مناصري العقاب الجسدي هم كُثرٌ.
 الحقيقة العلمية والتربوية تقول، إنَّ العنفَ والضرب هو المسبب الرئيس لمعظم الأمراض النفسية عند النشء، والعنف مسؤول عن انتشار الجرائم والعنف في المجتمعات أيضا، فلم تعد وليس من المبالغة القول: إن  العقاب الجسدي أهم معوقات التربية والتعليم، وهو يجعل الطالب المعاقب يربط بين التربية والتثقيف والعقاب الجسدي، مع أن أبسط مبادئ التربية تنفي أي لون من ألوان العقاب، كما أن كثيرا من التجارب أظهرت بأن المدرسة التي ينتشر فيها العقاب، تتحول في نظر الطلاب من مدرسة إلى سجنٍ، ويظهر ذلك في سلوك الطلاب، فإنهم يدخلون أسوارها مكتئبين، ويخرجون منها سعداء مسرورين لنجاتهم من هذا السجن .
كما أن العقاب الجسدي يحول دون الإبداع والنبوغ، ويجعل عقول الطلاب كقطعة الإسفنج، تمتصُّ المعلومات بالضغط والإكراه، ثم يعصترونها فوق ورقة الاختبار، لتعود عقولهم بعد العصر جافة  خاوية من جديد!
وقد أشار كثيرٌ من التربويين إلى خطورة العقاب الجسدي في المدارس، حتى أنهم اعتبروا طريقة الإلقاء نوعا من أنواع العنف لأنها تُفرض بواسطة المعلم فرضا، لذلك فقد نشط التربويون في استحداث طرق تربوية جديدة، تأخذ في اعتبارها إشراك الطالب في بناء الدرس إشراكا عمليا، بحيث لا يحس بأن المعلومات الواردة فيه معلومات مفروضة بالقوة !
ومن المعروف بأن  حظر العقاب الجسدي في المدارس، يساهم في بناء الأوطان بطريقة علمية وعملية، وقد نشط علماء التربية في تأسيس الأنظمة التعليمية الديموقراطية، التي تبني الأوطان ومن هؤلاء:
جون ديوي، وبلوم، وباركهست، ومنتسوري، وبافلوف، وثورندايك، وغيرهم ، وكان لهم أكبر الأثر في نهضة الأمم، بل كان أثرهم أقوى من آثار القادة السياسيين والعسكريين، فهم روَّاد النهضة. وما أزال أذكر قولا لابن سينا في كتابه السياسة:
"يجب على المدرس أن يكون بصيرا بنفوس تلاميذه" .
وما أزال أذكر في خمسينيات القرن الماضي كيف افتن بعض المدرسين في اختراع آلات العقاب، فما أزال أذكر (الفلكة) بالكاف والقاف أيضا، وكيف كانت هي وسيلة العقاب اليومية، لكل من لا ينصاع لأوامر المدرس، وما أزال أذكر أيضا أنواع العصي التي كان المدرسون يحملونها أثناء قيامهم بالتدريس، مثل عصا الخيزران، وعصا شجرة اللوز ذات العقد ، وعصا البرتقال القوية، مع العلم بأن هناك مدارس ما تزال تستخدم هذه الطريقة حتى الآن، بعد أن استُبدلتْ العصي بالخراطيم البلاستيكية.
أخيرا، إنَّ كلُّ مدرسٍ يعتاد حمل العصا، يرسل رسالة إلى طلابه مفادها:
 "فشلتُ في الوصول إلى قلوبكم وعقولكم، وعصاي هي الطريق الوحيد لذلك" فكم موهبة، وكم عبقرية، قتلها نظامٌ تربويٌ قمعيٌ جاهلٌ !!

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى