رغم أن إجمالي العمالة المسجلة بالقطاع الخاص نما بنسبة 9.1% خلال عام 2012م، إلا إن العمالة السعودية المشاركة في القطاع الخاص نمت بنسبة 34.4% خلال هذا العام.. ومن خلال هذا الرقم يبدو أن هناك إنجازاً ضخماً وكبيراً في التوطين، ولكن لم ينل الاهتمام كما يستحقه.. بشكل يجعل العام الأخير هو عام للتوطين بل إن هذا العام شهد ما لم تشهده الأعوام الماضية في توطين النساء، وذلك رغم كل ما تؤكده الإحصاءات من استمرار ارتفاع معدل بطالة النساء.. كيف وبما يزداد التوطين، ولا تزال البطالة مستمرة؟.
تشير إحصاءات وزارة العمل إلى ارتفاع عدد العاملين السعوديين في منشآت القطاع الخاص من 844 ألف عامل في عام 2011م إلى 1.1 مليون عامل في عام 2012م، بنسبة زيادة 34.4%، أي أن عدد السعوديين بالقطاع الخاص ارتفع بنحو 290 ألف سعودي وسعودية خلال عام واحد فقط، وذلك بمنشآت القطاع الخاص، التي كانت تواجه صعوبات في التوطين من قبل.. والأمر الأكثر أهمية، أن نسبة هامة (40%) من هذه الزيادة جاءت من النساء السعوديات، وهي تقريباً المرة الأولى التي تساهم فيها النساء بهذا العدد الكبير من التوظيف بالقطاع الخاص.. بل إن العدد الذي توظف من النساء بالقطاع الخاص خلال عام 2012م يفوق عدد النساء اللاتي توظفن به خلال كافة السنوات الماضية، بنسبة زيادة 117% عن عام 2011م.
والشيء الملفت للنظر في مقارنة العاملون بالقطاع الخاص في عام 2012م و2011م، هو أن أعلى معدلات تغير جاءت في النساء السعوديات بنسبة 117%، في مقابل معدل تغير سلبي في عدد النساء غير السعوديات التي شهدت تراجعاً بنسبة (4.2%).. بشكل يوضح أن نوع من الإحلال قد حدث في توظيف النساء بالسوق السعودي.
وعليه فإن مساهمة النساء السعوديات في إجمالي العمالة السعودية بالقطاع الخاص ارتفعت من 11.8% في عام 2011م إلى حوالي 19.0% في عام 2012م، وهو إنجاز ينبغي الإشادة به.. حتى رغم ما يقال عن استمرار ارتفاع بطالة أو أعداد العاطلات من النساء.
إن التساؤل الذي يثير نفسه: كيف يرتفع عدد السعوديات الموظفات الجدد بهذا العدد خلال عام 2012م، ولا تزال أعداد العاطلات تحقق زيادة ليست قليلة؟.. إن السر ينبع في ارتفاع أعداد السعوديات الراغبات في العمل خلال عامي 2011 و2012م، وهنا ينبغي توصيف معنى العاطلات عن العمل، بأنه يمثل عدد السعوديات اللاتي يرغبن في العمل ولا يجدنه، ولعل السعوديات غير العاملات هو عدد كبير منذ سنوات عديدة، ولكن الجديد هو إبداء الرغبة في العمل التي ظهرت على السطح بقوة خلال العامين الأخيرين.. فمثلاً عدد العاطلات السعوديات عن العمل وصل في عام 2008م إلى 177 ألفاً، ثم في 2009م إلى 200 ألف، إلا إن هذا العدد أحرز قفزة كبيرة في عام 2011م ليصل إلى 303 آلاف عاطلة سعودية عن العمل، ثم في عام 2012م إلى 359 ألف سعودية عاطلة وترغب في العمل.. وينبغي معرفة أن برامج وزارة العمل التحفيزية، مثل حافز لعبت دوراً كبيراً في حث وتحفيز السعوديات الراغبات في العمل على إظهار رغبتهن، وخاصة مع إيجاد البيئة المناسبة والخصبة لعملهن، والتي على رأسها تهيئة قرارات تأنيث النساء ورعاية المرأة في بيئة العمل.
لذلك، فإنه من المعتقد أن النجاح الحقيقي لوزارة العمل خلال السنوات القليلة الماضية في إبراز وتحفيز الرغبة في العمل للمرأة السعودية، بشكل تم ترجمته في ارتفاع أعداد العاملات منهن في القطاع الخاص، الذي منذ سنوات قليلة ما كان يتوقع الكثيرون أن يصل أعداد السعوديات المسجلات في القطاع الخاص إلى حوالي 216 ألف سعودية.
الكثيرون يتحدثون عن البطالة، والكثيرون هم من يرونها كبيرة وهائلة عند النساء السعوديات، ولكن القليلين هم من أدركوا أن هناك إنجازاً غير عادي حدث خلال عام 2012م للمرأة السعودية تحديداً، بل أنه يتوقع أن يكون حجم هذا الإنجاز أكثر من عادي واستثنائي عندما تصدر بيانات عام 2013م، ذلك العام الذي حدث فيه التصحيح، والذي خرج فيه مئات الآلاف من الوافدين من مخالفي نظام العمل والإقامة، وخاصة في القطاع العمل النسائي.. لذلك، فمن التوقع أن تظهر إنجازات وزارة العمل الحقيقية في تقرير عام 2013م عن التغير في أعداد السعوديين المسجلين بالقطاع الخاص تحديداً.