أعلنت الحكومة الأردنية يوم أمس التعديلات المقترحة على قانون العقوبات الأردني وشملت المادة 308 منه والتي تجيز للجاني الإفلات من العقوبة في الجرائم الجنسية إذا تزوج من الضحية.
وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" الى أن التعديلات (المنشورة على موقع ديوان الرأي والتشريع) أخرجت مجموعة من الجرائم من نطاق تطبيق المادة 308 وهي: الخطف، والإغتصاب، وهتك العرض، وتحريض إمرأة على ترك بيتها لتلتحق برجل غريب، والمداعبة بصورة منافية للحياء، وتنكر رجل بزي إمرأة لدخول أماكن خاصة بالنساء. وهي في هذا الجانب تستجيب لمطالب كل من "تضامن" والتحالف المدني الأردني لإلغاء المادة 308.
وفي المقابل فقد أصبحت الجرائم المشمولة بنطاق تطبيق المادة 308 وفقاً للتعديل هي جرائم الزنا، ومواقعة أنثى عمرها بين 15-18 عاماً، وهتك عرض أنثى أو ذكر أقل من 15 عاماً، والخداع بوعد الزواج للبكر التي عمرها أكثر من 15 عاماً.
وفي الوقت الذي ترحب فيه "تضامن" والتحالف المدني الأردني لإلغاء المادة 308 بإخراج أغلب الجرائم الجنسية من نطاق تطبيق المادة 308، إلا أنهما بنفس الوقت يؤكدان على أنه ما زالت مطالبتهما بالإلغاء التام للمادة 308 قائمة، وسيواصلان العمل على تحقيق ذلك بالإستعانة بأعضاء وعضوات مجلس الأمة بشقيه النواب والأعيان حينما يحال مشروع القانون على المجلس.
إن "تضامن" والتحالف المدني لإلغاء المادة 308 يستغربان شمول جريمتي مواقعة أنثى عمرها بين 15-18 عاماً، وهتك عرض أنثى أو ذكر أقل من 15 عاماً ضمن نطاق تطبيق المادة 308، حيث أن هذه الفئة من القاصرات والقاصرين هم الأشد حاجة للحماية من قبل المشرع، فلا عبرة لعنصر الرضا لمن هم دون 18 عاماً من عمرهم كما أنهم أكثر عرضة للمخاطر الصحية الناتجة عن الحمل والتزويج المبكرين، وإستغلالهم من قبل الجناة "الأزواج"، إضافة الى أن إستغلالهم من قبل المجرمين أكثر سهولة وأبعد أثراً من إستغلال البالغين والبالغات حيث أثبتت الدراسة البحثية التي نفذتها "تضامن" حول الموضوع بأن عدد من ضحايا المادة 308 كن من القاصرات وتم إستغلالهن جنسياً وتعنيفهن جسدياً ومعنوياً ومادياً عند وقوع الجريمة وبعد التزويج اللاحق لهن، خاصة وأن "تضامن" والتحالف المدني الأردني لإلغاء المادة 308 يعارضان من حيث المبدأ وفي كل الأحوال تزويج القاصرات حتى في حالة رضاهن ورضا العائلة، فكيف يمكن قبول تزويجهن في ظروف يفتقدن معها لكل متطلبات السلامة والأمان.
إن موضوع العلاقات الجنسية التي يتوافر فيها عنصر الرضا كجريمتي الزنا وفض البكارة بوعد الزواج كان بإمكان المشرع معالجته ضمن المواد ذات العلاقة، ويجب أن لا يؤثر بأي شكل من الأشكال على أهمية وضرورة إستثناء القاصرين والقاصرات من ذلك حيث لا يعتد برضاهم تحت أي ظرف من الظروف.
كما أن رفع مدة الزواج في الجنح لتصبح خمس سنوات كالجنايات لن يكون لها أثر على بناء أسرة متماسكة كونها بنيت على جريمة جنسية ستمتد آثارها السلبية الى أمد طويل، وقد أثبت الدراسة بأن عدد كبير من مثل هذه الزيجات قد إنتهت بعد مرور أشهر دون أن يتم حتى إثبات نسب الأطفال، وكان الهدف الوحيد منه هو إفلات الجاني من العقاب وهذا ما حصل بالفعل، ومن ثم إساءة معاملة الزوجة لدرجة دفعها لطلب الطلاق بحيث لا تستأنف إجراءات المحاكمة أو تنفيذ العقوبة.
وتعتقد 'تضامن' بأن المادة 308 من قانون العقوبات تتعارض مع نصوص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948 وعلى وجه الخصوص المادة الثالثة منه والتي جاء فيها :'لكل فرد الحق في الحياة والحرية وفي الأمان على شخصه'. وعليه فإن من واجب الدول حماية الضحية وملاحقة الجاني في الجرائم الجنسية كون فعله يشكل إعتداءاً على حق الضحية في الأمان الشخصي وإنتهاك صارخ لحريتها ويعرض حياتها الى خطر شديد، وليس من مهام الدولة توفير المخارج والذرائع لتمكين الجناة الإفلات من العقاب.
يشار الى أن 'تضامن' والتحالف الأردني لإلغاء المادة 308 نفذتا حملة مكثفة تركز على إلغاء المادة 308 من قانون العقوبات الأردني، من خلال نشر نتائج أول دراسة بحثية وعلمية شاملة والتي حملت عنوان 'الجرائم الجنسية ضد النساء – المادة 308 من قانون العقوبات الأردني نموذجاً'، والتي أظهرت أن 70% من الأردنيات والأردنيين مع إلغاء المادة 308.