الكاتبة الصحفية: فاطمة كمون - تونس - خاص بـ " وكالة أخبار المرأة "
ما زلت أبحث عن أحلامي بين أنقاض الواقع .إلا أن هذا الواقع أصم وأبكم ..مشردون هنا و هناك عراة وجوعى ر يريدون دسترة حقوق ولا تقنين واجبات. يعيشون في مدن غاب فيها اللصوص وقطاع الطرق ..ليس من باب العدل والعدالة والنعيم والقانون ولكن الأحياء فيها يبحثون عمن تبقى من أحيائهم او حتى بعض اشلائهم، مدن غابت فيها الملامح والبحث عن لقمة العيش في سبيل البحث عن متسع آمن من الإنسانية.. صورة مبهمة او بالأصح مؤلمة لطابور من المهجرين الواقفين الألف ميل ليجتازوا جهنم الحرب والدمار لمجهول لا أمل يحذوهم فيه ولا كنشا بأحرف جوفاء تسمى هوية يحمل لونا وطابع اجتياز،.. أمام هذه الدراما اليومية غير المدبلجة ولا مترجمة والتي لا ننفق عملة صعبة لإسترادها لتملآ عقولنا بمشاهد مفبركة ، لا دمعة تذرف من مآقينا ولا آه تحملها انفاسنا، نطلب فقط وقت مستقطع لنتمدد من جديد للمشاهدة ، ما من عربي يتحرك بغير جعجعة .. يرعبني السكوت والصمت اللامتناهي .. نحن فعلا طبعة نادرة لا يطالعها إلا الأميين ، نحن ثرثرة خارج الصدى ،وقت الكلام نصمت ووقت الصمت نستصرخ ، نتحرك بلا روح داخل جدران عازلة تمتد من قطر لقطر، جدران تحمل ألوان الأعلام مطلية بالدم ممتدة على حدود عرقية ولونية ومذهبية وعشائرية وطائفية وقبلية...تنشد بلا لحن نشيد التفرقة والصراع يقال عنها تحدد جغرافية دول ،منها من سمي بالياسمين وأخرى بالصمود و حتى بالآحلام وبالجنات...تعددت الأسماء لمدن الآحزان والسواد واحد. نحن فيها احرارا بقيود في معاصمنا . كل يوم نعد نص تأبين بابداع لا نظير له ، ونتبرج لحضور مراسيم الجنازات لا نعرف فيها الميت ان كان ضحية او جاني ...نواري الجثث تحت تراب الضمير ونقنع أنفسنا بأن الموت قدر والفاتحة لا تُدخل الجنة...فنعتذر للأموات بصوت مكلوم ،لعجزنا عن احتواء الأسماء بسبب شرخ الذاكرة ... . أريد أن أبكي الأحياء والأموات لكن منسوب الدمع جف في جوف عيني . سأتفرغ للبحث عن تفسير أحلامي لأني عجزت أن أفسر الواقع...