الدكتور محمد فتحي راشد الحريري - الإمارات العربية المتحدة- خاص بـ " وكالة أخبار المرأة "
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء وسيد المرسلين سيدنا محمد صل الله عليه وسلم وصحبه واهله أجمعين نتابع هذه الحلقة من الجذور بما بدأناه في الأسبوع المنصرم عن الغيوم والسحب :
أولا السحابة: والجمع سُحُب، من الجذر الثلاثي(س ح ب)، وأصله ألجذوري السَّحْبُ: جَرُّكَ الشيءَ على وجه الأَرض، كالثوب وغيره. سَحَبَه يَسْحَبُه سَحْباً، فانْسَحَبَ: جَرَّه فانْجَرَّ. والمرأَةُ تَسْحَبُ ذَيْلَها.
والريحُ تَسْحَبُ التُّراب.
والسَّحابةُ الغَيْمُ. قال تعالى: ((أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ)) سورة النور/ 43 .
والسحابةُ التي يكون عنها المطر، سُمِّيَتْ بذلك لانْسِحابِها في الهواءِ، والجمع سَحائبُ وسَحابٌ وسُحُبٌ؛ وخَلِـيقٌ أَن يكونَ سُحُبٌ جمعَ سَحابٍ الذي هو جمعُ سَحابةٍ، فيكونَ جمعَ جمعٍ.
وفي الحديث: كانَ اسمُ عِمامَتِه السَّحابَ، سُمِّيَتْ به تشبيهاً بسَحابِ المطر، لانْسِحابِه في الهواءِ.
وما زِلْتُ أَفْعَلُ ذلك سَحابةَ يَومِـي أَي طُولَه؛ قال:
عَشِـيَّةَ سَالَ الـمِرْبَدانِ كِلاهُما، *** سَحابةَ يَومٍ، بالسُّيوفِ الصَّوارِمِ
القزعة: من القَزَعُ، وهو قطع من السحاب رقاق كأَنها ظلّ إِذا مرّت من تحت السحابة الكبيرة.
وفي حديث الاستسقاء: وما في السماء قَزَعةٌ أَي قِطْعةٌ من الغيم؛ وقال الشاعر: مَقانِبُ بعضُها يبْري لبعضٍ،*** كأَنَّ زُهاءَها قَزَعُ الظِّلالِ
وقيل: القَزَعُ السحاب المتفرق، واحدتها قَزَعةٌ.
وما في السماء قَزَعةٌ وقِزاعٌ أَي لَطْخةُ غيم.
وفي الحديث: أَنه نَهَى عن القَزَعِ؛ وهو أَن يُحْلَقَ رأْسُ الصبي ويترك منه مواضعُ متفرِّقةٌ غيرُ محلوقة تشبيهاً بِقَزَعِ السحاب.
والقَزَعُ بقايا الشعر المُنْتَتِفِ، الواحدة قزعة، وكذلك كل شيء يكون قِطَعاً متفرقة، فهو قَزَعٌ؛ ومنه قيل لقطع السحاب في السماء قَزَعٌ.
ورجل مُقَزَّعٌ ومُتَقَزِّعٌ: رقيق شعرِ الرأْسِ متفرِّقُه لا يُرَى على رأْسه إِلا شعراتٌ متفرّقة تَطايَرُ مع الريح.
والقَزَعةُ موضع الشعر المُتَقَزِّعِ من الرأْس.
والمُقَزَّعُ من الخيل: الذي تُنْتَفُ ناصِيَتُه حتى تَرِقَّ.
الحَبِيُّ: من الجذر( ح ب ا //ح ب و) بمعنى دنا، والحَابِيةُ: رملة مرتفعة مُشْرِفة مُنْبتة. (قلت: فإن كانت غير منبتة فهي رملاء، أو مجدبـــة).
والحَابِي: نَبْتٌ سمي به لِحُبُوّه وعُلُوِّه. وحَبَا حُبُوّاً: مشى على يديه وبطنه.
والحبيُّ السحابُ الذي يُشرِفُ من الأُفُق على الأَرض، فَعِيل، وقيل: هو السحاب الذي بعضه فوق بعض؛ قال: يُضِيءُ حَبِيّاً في شَمارخ بيضِ، قيل له حَبِيٌّ من حَبَا كما يقال له سَحاب من سَحَب أَهدابه، وقد جاء بكليهما شعرُ العرب؛ قالت امرأَة: وأَقْبلَ يَزْحَفُ زَحْفَ الكَبِير،*** سِياقَ الرِّعاءِ البِطَاء العِشَارَا
وقال أَوسٌ:دانٍ مُسِفٌّ فُوَيْقَ الأَرضِ هَيْدَبُه،*** يَكادُ يدفعه مَنْ قامَ بالرَّاحِ
وقالت صبية منهم لأَبيها فتجاوزت ذلك:
أَناخَ بذِي بَقَرٍ بَرْكَهُ،*** كأَنَّ على عَضُدَيْه كِتافا
قال الجوهري صاحب الصحاح: والحَبِيُّ من السَّحاب الذي يَعْترِض اعتراضَ الجبل قبل أَن يُطَبِّقَ السماءَ؛ قال امرؤ ألقيس:
أَصاحِ، تَرَى بَرْقاً أُرِيكَ وَمِيضَه،*** كَلَمْعِ اليَدَيْنِ في حَبِيٍّ مُكَلَّلِ
قال: والحَبَا مثل العَصا مثْلُه، ويقال: سمي لدنُوِّه من الأَرض. قال ابن بري: يعني مثل الحَبِيِّ؛ ومنه قول الشاعر يصف جَعبة السهام:
هي ابْنةُ حَوْبٍ أُمُّ تِسعين آزَرَتْ*** أَخاً ثِقةً يَمْرِي حَباها ذَوائِبُه
والحَبِيُّ: سحاب فوق سحاب. وقد مرَّ آنفاً.
والحَبْوُ: امتلاء السحاب بالماء. ووجه المشاكلة بينه وبين حبو الطفل البطء،
فالسحاب الممتلئ ماءً بطيءُ السير في الفضاء والطفل بطيء كذلك في حبوه.
وكلُّ دانٍ فهو حابٍ.
وفي الحديث حديث وهب: كأَنه الجبلُ الحابِي، يعني الثقيلَ المُشْرِفَ.
والحَبِيُّ من السحاب: المُتَراكِمُ، والتراكم ثقلٌ فيه بسبب امتلائه أو العكس.
الرهج: الرَّهْجُ والرَّهَجُ (بإسكان الحرف الحلقي أو تحريكه): الغبار.
وفي الحديث الشريف: (ما خالك قلبَ امرئ رَهَجٌ في سبيل الله إِلاَّ حرَّم الله عليه النار)؛ وفي حديث آخر: من دخل جَوْفَهُ الرَّهَجُ، لم يدخله حر النار. والرَّهَجُ: الغبار في الأصــل. والرَّهَجُ عند العرب يُطلق أيضا على السحاب الرقيق كأَنه غبار؛ وقول مليح الهذلي:
ففي كل دارٍ مِنْكِ للقَلْبِ حَسْرَةٌ،*** يكونُ لها نَوْءٌ، من العينِ، مُرْهِجُ
أَراد شدّة وَقْعِ دموعها حتى كأَنها تثير الغبار.
وأَرْهَجَتِ السماء إِرْهاجاً إِذا همت بالمطر. ونَوْءٌ مُرْهِج: كثير المطر.
الركام: رَكَمَ الشيء يَرْكُمُهُ، إذا جمعَه وألقى بعضَه على بعض. والركم في الأصل وصف للسحاب وليس اسما له.
وارْتَكَمَ الشيء وتراكَمَ، إذا اجتمع. قال تعالى: ((وَإِن يَرَوْا كِسْفًا مِّنَ السَّمَاءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَّرْكُومٌ)) سورة الطور / 44 . والرُكامُ الرمل المُتَراكِمُ، وكذلك السحاب المُتَراكِمُ وما أشبهه.
وهكذا استعرضنا عشر مفردات لمسمى واحد، غير مترادفة ، وإنما كلُّ واحدة تناولت الاسم من زاوية معينة.