في قديم الزمان، ولدت طفلة بلا أشقاء، سوى زهرات اللوتس التي طفت على الماء لحظة المخاض. سقطت على الأرض فزغردت النساء، قالوا هي زرع مبارك إن قنعت، وشجر عفاريت إن تمرّدت. سلّ الرجال سيوفهم، فغدا ستصبح فرحا لأحدهم، وأغمدوا السيف في الفضاء ليكتموا أنفاس حريتها. غسّلوها عند زهرات اللوتس و سمّوها باسمها، وأغرقوها بعطرها، لتكون زهرة شهيّة يوما ما.
كبرت لوتس على ضفاف البحيرة، تشدو مع الفراشات مُنطلقة، وتلعب مع ابن الجيران لعبة الغمّيضة. كان دائما يختفي فتجده، وكانت تختفي فيتبع رائحة عطرها. يوم بدأ النهدان يتشكّلان على صدرها، غطّوها واحتجزوها داخل الجدران. قالوا "الآن صرت عروسا، ستحملك الأعناق لبيت زوجك". انتزعوا من يدها دمية القماش، وألبسوها الفستان الأبيض. قالت "أين ابن الجيران؟ اختفيت من البارحة ولن يجدني الآن". قالوا "ولن يلقاك، فأنت الآن عروس داخل بيت وجدران".
دخل عليها الغريب يفتل شاربه، ويمسّح على شيبه. قالت "عمّي، أريد أمّي"، قال "ستصيرين أمّا بعد شهور قلّة، وإن لم تصيري فستكوني صاحبة علّة، ولن تلزميني". رماها على سرير شبقه وقتل طفولتها وهي تصرخ مرعوبة. أهدر دمها، ثم أدار للهواء ظهره ونام يشخر طربا بفحولته.
زوجة سيّد القوم لم تحبل، فاستهجنوها وهي لم تحِضْ بعدُ. رمتها الزوجة الأولى أمام الفرن لتخبز، والزوجة الثانية أمام النهر لتغسل، والثالثة أمام الدار لتكنس. ومازالت تكنس عهرهم حتى مات سيّد القوم، والبنت حُبلى، ولدت طفلة وهي طفلة، فبكت من الوجيعة ورضيعتها تبكي، ولم تعرف كيف تمدّها بحليبها ونهدها الصغير مازال حديث العهد بمكانه. أمسكت الطفلة فسكتت وهي تتلمس بشفتيها حلمتها. ابتسمت لها وسمّتها نورس، لتحلّق حرة طليقة، وتعيد لها طفولتها.