رندة صادق - " وكالة أخبار المرأة "
الجمال مفهوم نسبي ومتغير، لا يخضع لمعايير ثابتة يمكن اتباعها لتصبح وحدة قياس جمالية عامة على أساسها تمنح النساء علامات على جمالهن، بل هو يرتبط بثقافات الشعوب ونظرتهم إلى المرأة الجميلة وفقا لحضارتهم وموروثاتهم الثقافية، فالجمال يختلف من شعب إلى شعب ومن حضارة إلى حضارة، ولطالما تغنى الشعراء قديما وحديثا بجمال المرأة الخارجي وصفاتها الروحية.
أما الجمال كمفهوم فلسفي “هو صفة تلحظ في الأشياء فتبعث في النفس سرورا ورضا”، هذا التعريف يعطينا فكرة عن نسبية الجمال، وانه حالة انطباعية في كثير من الأحيان فردية تتبع ميولا خاصة في النظرة إلى جمال المرأة لذا ما تراه أنت جميلا قد لا يراه غيرك جميلا. وهذا بالضبط ما ينطبق على مفهوم الشعوب للجمال، فلقد اعتبر العرب المرأة الجميلة هي التي تتمتع بخصر دقيق، ممتلئة لا تميل إلى السمنة، ليست بقصيرة ولا بطويلة. في اليابان هناك مقاييس مختلفة، فاليابانيون يفضلون أن تكون المرأة بيضاء، ناعمة ورقيقة الشكل، صافية البشرة والعنق، هادئة الصوت، صغيرة القدمين، إضافة إلى ذلك فإنهم يعتبرون الطول عيبا في المرأة لا ميزة جمالية تحسب لها. أما عند الفراعنة فكانت المرأة الجميلة هي التي تملك عيونا جميلة، لذا بحثوا عن أجود أنواع الكحل معتبرين أن المرأة كلما ركزت على جمال عينيها أصبحت أكثر سحرا وجاذبية.
أما معايير الجمال عند المرأة الغربية فهي تلك طويلة القامة، شقراء الشعر والتي تتمتع بجسم رياضي رشيق وعيون زرقاء. في أفريقيا سنجد النقيض، حيث إن بعض القبائل الإفريقية ترفع من مهر المرأة كلما زاد سواد بشرتها، لأن هذا ليس فقط معيار الجمال لديهم، بل يعد دليلاً على صفاء عرقها، كما أنهم لا يفضلون الشعر الطويل بل يقومون بحلق شعر الفتيات تماما حتى تبدو أكثر أنوثة، وكلما كانت سمينة كلما كانت أكثر سحرا وجاذبية.
أما المرأة الموريتانية فهي لا علاقة لها بهوس النحافة التي تجتاح المرأة في العالم أجمع إلى الحد الذي يصل بالبعض إلى المرض، هي تعاني من أجل الحصول على جسم بدين، حيث تبذل قصارى جهدها للوصول إلى مستوى معين من الامتلاء، يضمن لها الظفر بزوج وانتزاع إعجاب واحترام المحيطين بها، عكس النحيلة التي تشعر بالنقص، ولا ينظر إليها على أنها امرأة فاتنة مهما كانت جميلة. وتستعين الموريتانيات بجميع الوسائل التي يمكن أن تساعدهن في الحصول على جسم بدين ومثير، مثل الأعشاب والوصفات الشعبية والأدوية الطبية الفاتحة للشهية، إضافة إلى الإكثار من الطعام، خصوصاً الوجبات الغذائية الدسمة. بجولة بسيطة على مفهوم الجمال عند الشعوب، نجد انّه لا يمكننا أن نضع معايير ثابتة نصنف من خلالها المرأة إن كانت امرأة جميلة أم لا.
المرأة مخلوق جميل ليس لصفاتها الجسدية بل لأدوارها العديدة التي تلعبها في الحياة، كأم وزوجة وشريكة في مجتمع هي نصفه وتلد وتربي نصفه الآخر، وان سقوط المرأة في هوس الشكل في الحقيقة ليس نتاج فكرها وحدها، بل لأن الرجل العصري بات مهوسا بالشكل الأكمل، ليس الذي يحتاجه بل ذاك الذي يسرب إليه من خلال تسويق صورة معينة للمرأة وشكلها عبر الإعلام والإعلان، وللأسف هنا لا علاقة لمفهوم الجمال السامي والنسبي والتاريخي الذي هو من خلق الله، بل مفهوم تسويقي للمرأة وشكلها لا يخدم إلا حركة ضخ المال إلى جيوب المستثمرين. نحن اليوم أكثر حاجة لنعي المفهوم الأرقى للجمال وهو مفهوم يرتبط بحاجتنا له ليس كضرورة، بل كإضافة تكمل صورة المرأة الأنسب.