أعتقد أن الأخلاق لها مفهوم شامل لا يمكن اختزالها على جنس دون آخر، فهي صفة عمومية ولها الشمولية، لكن التحدي الحقيقي هو من يستطيع ممارستها سواء أكان رجلاً أم امرأة.
جملة من الظواهر التي تتنافى مع مفهوم الأخلاق نلاحظها في المجالس والمناسبات الاجتماعية التي يسود فيها الالتقاء وتبادل الأحاديث، لعل من هذه المظاهر المؤذية الحديث عن الآخرين في غيابهم والنيل منهم ونقدهم بشدة، وهم لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم. الذي يحدث في مثل هذا المجال إنه يتم تحويل من يتم انتقاده لأشبه بالشيطان، فالكل ينتقده ويشتمه في غيابه، وهذه الممارسة ليست حكراً على المجالس النسائية كما يروج لها البعض، بل إنها ممارسة قد تكون أعنف وأكثر سوءاً في المجالس الرجالية أيضاً، والسبب ببساطة متناهية وكما ذكرت سابقاً أن الأخلاق لا تفرق بين جنس وآخر، بمعنى أن الأخلاق تملك عدالة مطلقة فهي تتلبس كل من يريدها ويتمناها ويسعى إليها بغض النظر عن جنسه أو لونه، لأنها مشاعة للجميع لمن يدرك معانيها العميقة النبيلة.
في الماضي كانت هناك إسقاطات وممارسات يتم حصرها على المرأة واتهامها بها، من هذه التهم الظالمة كثرة الحديث ـ الثرثرة ـ في كل شيء دون استثناء، وباتت تظهر لنا مفاهيم مثل كلام حريم، ويقصد أن كلام النساء لا يمكن الاعتماد عليه مثل كلام الرجال الذي يكون أشبه بالعهد الذي لا يقبل انفصاماً أو انقطاعاً، مع دخولنا في هذا العصر الذي نشهد فيه تنامي مواقع التواصل الاجتماعي وثورة الهواتف الذكية، بات جلياً أن مثل هذه الأحكام غير دقيقة وغير متوازنة، حيث ظهر لنا رجال ثرثارون، بل وكاذبون، وأكثر ما يكذبون فيه عن وطنهم. فضلاً عن انتشار مقاطع فيديو تظهر أحاديث المجالس الرجالية التي ما إن تسمعها حتى تشعر بأن مفردة أكاذيب قزمة تماماً أمام هول ما يتم سرده من خداع ودجل وحقائق لا وجود لها.
ومرة أخرى فإن الأخلاق لا تعرف لوناً أو تتعصب لفلان على حساب فلان، فمن يفقدها يفقد الاحترام والتقدير، سواء أكان امرأة أم رجلاً. المشكلة أن هناك قائمة طويلة من التُهم والافتراءات أُلصقت بعقل وسلوك المرأة، ولم يقم بترسيخ هذه التهم ونشرها والدفاع عنها إلا شقيقنا الرجل ـ دون تعميم ـ نحن بحاجة إلى عقود لتصحيح هذه المفاهيم، حتى يخرج علينا جيل محمّل بالعلم والأخلاق، ويفهم حقيقة ومعنى المساواة.