القاص والكاتب: عبد الجبار الحمدي - العراق - خاص بـ " وكالة أخبار المرأة "
في حديقتي من الباحة الخلفية للمنزل أركن مع شريكي الآن في المنزل كلاود، كالعادة هو معي في كل صغيرة وكبيرة لا يتوانى عن تقديم أي خدمة لي او قضاء حاجة عصية علي، لقد اهتممت بحديقة باحتي بعد ان فارقني من أحب فجأة دون مقدمات كونه يعشقها، حزنت فترة من الزمن كغيمة ملبدة بالسواد لا تمطر سوى دموعها، حتى تغريد الطيور التي تغنت طربا بحفيف شجرتنا الكبيرة التي كثيرا ما مارسنا الحب تحتها وهي تتوسط الباحة ملقية بظلالها وأوراقها هوسا من مجون عاشقين أست لحالي، أما كلاود فكان يغض الطرف، لكنه بعض الاحيان يتلصص علينا وهو ينبح شراهة ورغبة في رفيقة تطفيء غريزته..
اعتاد توم ان يأخذه في جولاته معه الى المتنزه حيث عامة الناس يأتون للتمتع مع من يحبون وكلابهم، هناك التقى كلاود بإحداهن، دفع بشغف كل رغبته المضمورة بداخله، حين عاد كان لأيام منتشيا مطيعا محبا لكل من يراه لحظتها قلت لتوم:
أرأيت كم هي جميلة الرغبة والمتعة خاصة إذا كانت مع من تحب، هاك كلاود يزهو بفحولته وأظن ذلك من خلال نباحه الذي تغير ومعاملته مع الآخرين.. ضحك توم على تفسيري قائلا:
أتريني انبح أنا الآخر واتودد مثله هههههههه..
إنه حبيبي وصديقي دنياي حيث أجده مفعا بالحياة لا يفتأ عن توزيع ونثر حبه حولي، في كل زاوية من زوايا المنزل إنه هو من حببني بالإهتمام بالحديقة، بعد أن كانت مهملة قليلا من قبلي، الى أن جاء هو وروى بعرقه ارضها فأينعت كما روى رغبتي وجسدي العطش، لقد خط بحرفية دون نتؤات كل سطوري التي كانت بها رغبة وخالية لأن يكتب عليها عبارات الحب، الوله والعشق لِتُضحي وشما أعشقه لا يمكن لأ شيء ان يزيله..
استوحشتني الوحدة، طمست هلوستها كل رونق كنت اتزين به، اهملت اهتمامي بنفسي، زوايا المنزل، كل شيء فترت رغبتي عنه ما عدا الحديقة ، إني اقضي معظم ساعاتي فيها، نسيت أن لي منزل وفراش او حتى طعام صرت اطلبه جاهزا، كما اعتاد ايضا كلاود على جلبه من الذي يطرق بابي..
ففي بعض الأحيان اتلقى اتصالا من جيراني أو صديقتي المفضلة تقول:
لقد جئت!! طرقت الباب عدة مرات بعد ان مللت من هاتفك وآله التسجيل، لم لا تفتحين الباب..؟ كنت استغرب فعلي!!! لكني لا احس أو اشعر بمن يأتي او يذهب بعد ان تعودت وحدة اليأس، كتبت عبارة على الباب بسؤال ( لست هنا لمن يطرق بابي ) أظنها كفيلة بجلب الاستغراب والحيرة والابتعاد لمن ينوي طرقه او السؤال عني، اضمحل وابتعد من كان يعرفني غير ان الجميع يعلم انه وبفراق توم اصبحت لا اهتم بأي شيء او أي شخص ما عدا كلاود، هو من كان يغنيني عن الاصدقاء جليس استطيب رفقته خاصة حين اعمد الى ملىء كأسي بالشراب واسمع سمفونية لياني تحت الشجرة التي اقمت عندها.. وحيدة
في ذات مرة رأيت كلاود قد تغير، بات كثير النباح بل العواء ليلا ونهار، اشغلني في باديء الأمر حاله، لكني عرفت انه يبحث عن المضاجعة، ذلك أن نباحة يصاحبه نباح كلاب اُخريات ردا عليه.. شعرت لزاما أن آخذه في رحلة البحث عن رفيقة تطفيء نار غريزته التي جعلته لا يطاق ابدا..
استغرب أغلب الجيران أو من شاهدني أسير برفقة كلاود باتجاه المتنزه العام.. كان حاشدا بالناس، الفرح يعلو محياهم وتلكم الاطفال يلهون بشتى الوسائل بزهو ومتعة، رصدت حالة او حالتان لمن غزا الحب قلوبهم، اطفؤا بعض ليبها بقبل طويلة في ركن مزوي بعض الشيء..
كلاود يجر بي مسرعا نحو عواءات ونباح كلاب استغربت تصرفه!! لكني بت طائعة له، خلتني اجري وراءه حتى اقترب ممن يريد، سارعت بفك رباطه الذي ما أن تحرر منه حتى انطلقا بعيدا حيث الخلوة.. تساءلت وانا أراه فتبسمت معها، تذكرت توم حين كنت أجري وهو يتبعني للنيل مني رغم رغبتي به، إلا أني احب أن أراه في لهفته تلك .. استميله دوما بعد إغرائه بشكل اعرفه تماما لا يفتأ يشتعل نارا ما ان يراني فيه، أجده يصهل بفحولته جريا بين يدي مطبقا على كل مساحات جسدى يغطيها برغبته المهوسة بها أنا.. أترك له تمزيق اشرعتي كما يحلو له، يطرحني ارضا يحطم ساريتي يدفع بي الى الصراخ او التأوه، كل ذلك وأنا احياه عالما غير عالمنا الدنيوي إنه عالم الحب..
سألته مرة هل الرغبه في المضاجعة هي الحب بعينه؟ ام الوصول للحب باكتفاء الغريزة..؟ كان يضحك مني ويقول:
متى ما وصل الحب ذروته جاءت ممارسته تتويجا لذلك الحب بإنسانية، اما المضاجعة بحد ذاتها فهي غريزة تملأ فراغات نقص حيوانية او استفراغ فساد رغبة دون وعي كما كلاود غير انها ليست خالية.. لا ادري!!؟ هكذا اسفرها لنفسي..
مرت فترة من الزمن ظننت ان كلاود قد تأخر فيها وقد شعرت بالغيرة ممن حولي فالجميع جاء يبحث عن المتعة والبهجة مع من يحب إلا انا كنت وحيدة وكلاود .. إنه مستثنى الآن من ذلك
جاء جريا نشطا مع من سارعت خلفه للحاق به، نبح لي بعد ان فركت رأسه وهو يلعق يدي ووجهى، لقد اتسعا بؤبؤا عيناه، اشرق محياه.. سالته هل استمتعت؟ كان نباحه ولسانه الطويل دليل على استمتاعه، لم أرى من هو صاحب رفيقته لكني قصرت عائدة الى المنزل وأنا افكر بالوحدة السمجة المملة التي اعيش، كلاود يدور حولي هازا بذيله ينبح بشكل لم اعهده من قبل، لكني قلت له:
يكفي كلاود.. يكفي لقد فعلتها مرة ولا يمكنني ان اعيد الكرة مرة أخرى في الغد، لكني اعدك سيكون لك ذلك في الاسابيع القادمة ..
لم يغير حديثي عن طلبي بوقف نباحه من شيء، بل وجدته يجر بي بقوة، ساء تصرفه ذلك إلي فنهرته، ألزمته الكف عن النباح..
ها نحن قريبين من المنزل هيا كف عن الحركة، اخرجت المفتاح وادرت الأكرة لأدخل فقرأت العبارة التي كتبت بعد ان تغير فيها شيء استوقفني ( لست هنا لمن يطرق بابي ) مشطوب عليها بخربشة أزالت صورتها الأولى.. لعنت في نفسي من فعل ذلك، دخلت وأطبقت الباب بشدة متذمرة أتمتم بعد ان خططت واحدة اخرى وألصقتها مكانها، حتى الوحدة التي اريد ان اعيش لا يرغب البعض لي بها كم هو جنون الناس..
رميت بنفسي على مقعدي الخشبي تحت الشجرة، صببت لنفسي كأسا من النبيذ، امسكت بصدري الذي انتفخ بالرغبة، تسارعت ضربات قلبي ، لهفتي مشتعلة طفح على وجهي اللون الوردي أحسسته يتورم، تدفقت الدماء بكل شراييني، كأني أُثار الى جنون رغبة، عببت كأسي لأخمد ما في جوفي من فوران، دارت عيناي وقد شعرت بالدوران ..
كلاود ينظر لي دون ان يقترب أو ينبح، لكنه رأيته يهز ذيله بقوة، فجأة!! نبح كلاود اتجه إلي بسرعة، امسك بيدي يدفع بي الى ان اقوم معه.. خلته جن او أنا من جُنت، تساءلت عن تصرفه الغريب، سار امامي وانا اتبعه غير ملمة بما يحدث، وجدته ينبح علي قافزا ليفتح الباب ..
صمتت نفسي، بل وجمت عن كل شيء انه هو!! توم يقف أمامي وهو يقول:
لقد جئت قبل قليل حبيبتي.. طرقت الباب، و وجدت تلك العبارة الساذجة ( لست هنا لمن يطرق بابي ) خربشتها ثم ذهبت ابحث عنك بعد ان سألت فقالوا لي انك ذهبت باتجاه المتنزه العام، قصدت المكان، لكن الزحمة، كثرة الناس والضجيج افلت علي الأمر ولم اجدك..
فعدت هنا، طرقت الباب لاكثر من مرة، غير أني وجدت العبارة نفسها قد كتبت بخط جديد، فعمدت الى تمزيقها وطرقت الباب بشدة، اسمع نباح كلاود لكنك تأخرتي في فتح الباب ..
لم اعي نفسي بعدها، كانت الدهشة والمفاجأة قد غلبتني، أودت بي الى فقدان توازني بالسقوط على الأرض..
في نفس الليلة وبعد هتك ستر كل اكاليل الوحدة ولمعان سمائي بالنجوم رافق ذلك إثارة الضجيج الجسدي اللامنتهي.. سألته أين كنت؟؟
ضحك طويلا وقال:
ألم اخبرك بأني سأغيب لعدة أسابيع دون ان أتمكن من الاتصال بك فلا تقلقي ..
تذكرت ذلك فعلا قال لي ذلك، لكن يبدو أن الوحدة التي لم اتعود عليها اطبقت بأنفاسها على صدري وجثت حتى غيبت كل معالم احوالي فنسيت ، عشت اياما عقيمة من الأمل كد اقتل نفسي من الضجر الذي افتعلت .. لكن شيء ما يدفع بي الى ان لا اتصرف بشكل جنوني ربما هي انفاسك ورائحة عرق جسدك التي اجدها حولي حين اعتني بحديقة المنزل او حين انام تحت الشجرة وتركك كلاود معي هما من ابقى على ان احيا ضجري ووحدتي حتى تعود.