الكاتب الصحفي: محمد شباط أبو الطيب - سوريا - خاص بـ " وكالة أخبار المرأة "
كانت خوله فتاة شابة من أكثر أهل الحي ثراء،وكانت جميلة جدا. مترفة العيش. لا تشعر أن شيئا مما قد يحتاجه إنسان ينقصها ولا ينبغي أن ينقصها لأنها ولدت وفي فمها ملعقة من ذهب كما يقولون في المثل الشائع بين الناس.
وهي مع كل هذا الرزق الذي أنعمه الله عليها ، لا تشعر بشعور الفقراء في حيها بل لا تفكر مجرد تفكير بحاجة أحدهم لأبسط متطلبات الحياة معللة ذلك أن لا شأن لها بهم ورزقهم على الله تعالى.
وكان لخوله صديقة قريبة منها تقطن في الحي تعيش برفاهية ورغد العيش كمثل حالتها تماماً ولكنها ذات شعور ينبثق من ديننا الإسلامي الحنيف الراقي فكانت تشعر بحاجة الفقراء وتطلع عليهم وتسأل عن أحوال الناس في الحي فهي منهم وتعرف أحوالهم.
وكانت بالإضافة إلى ذلك تكثر النصح لصديقتها خوله وتبين لها ضرورة الشعور بمسؤولية الغني تجاه الفقير. ولكن دون أن تجد عند صديقتها أذن صاغية،فشعورها بالغنى يعمي بصيرتها.
وكثيراً ما كانت تقرأ عليها قول الله تعالى في قصة صاحب الجنةفي سورة الكهف المباركة وحوار صاحبه له وأنه لما تكبر أصبحت جنته خاوية على عروشها وأصبح يقلب كفيه ويقول يا ليتني لم أشرك بربي أحدا. لكن سبحان الله يقول أيضا في سورة الكهف" وكان الإنسان أكثر شيء جدلا."
وهكذا استمرت خوله في خيلائها وتبخترها حتى دارت الأيام دورتها وحلت النكبة في أهل بيتها فأفلس أبوها حتى أصبح من أكثر أهل الحي فقرا. وضاقت عليها الأرض بما وسعت على الرغم من رحابتها ماذا ستفعل وكيف ستظهر أمام أقرانها بثوب الفقر والعوز بعد أن كانت ثياب البذخ تكسوها.
فما كان منها إلا أن اعتزلت في بيتها فلا تخرج منه أبدا ولا تواجه من أهل حيها أحدا.
حتى طال الزمان بها وهي لا تزال تلك حالها.
فاهتمت صديقتها لها وأجمعت أمرها أن تخرجها من حالها.
زارتها مراراً و تكلمت معها وحثتها على التجمل بالصبر وان تلك هي الأيام دول يوم لنا ويوم علينا. حتى استطاعت أن تخرجها للمجتمع بالصورة التي ترضي ربها سبحانه فأصبحت هاشة باشة في وجوه الناس تحيي الجميع وتعتذر إليهم عما بدر منها. داعية إياهم إلى التعاون والتكافل. حتى عادت إلى سالف عهدها من الغنى لكن هذه المرة مع غنى النفس. فهي الآن مديرة الشركة التي جعلتها لجميع أهل الحي إسهامات فيها. وهي بالإضافة إلى ذلك لا ترضى أن ترى فقيراً شديد الفقر في حيها، في هذه الايام ونحن نستقبل شهر الخير والبركة ليتنا نرى الأغنياء يحدون حدوها ويساعدوا بعضهم البعض ويقدموا ما تجود به أنفسهم بنفس رضية طيبة حتى يعم التكافل الاجتماعي بين كافة أفراد المجتمع.