زياد الدباس - " وكالة أخبار المرأة "
اتخذت دول عربية كثيرة خطوات مهمة لتعزيز حضور المرأة في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وبادرت الإمارات، مثلاً، إلى تأسيس مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين الذي ساهم في وصول الدولة إلى مصاف دول العالم الأكثر ابتكاراً وازدهاراً، كما أصبحت الدولة الثانية بعد النرويج التي تفرض على الشركات تمثيل المرأة في مجالس إداراتها وتبلغ نسبة التمثيل حالياً 1.5 في المئة.
وهكذا يُفترَض أن 111 سيدة إماراتية يتهيأن للترشح لنيل عضوية مجالس إدارة الشركات المساهمة المدرجة في الأسواق المالية وعددها 111 شركة بعد التعديلات التي أدخلها مجلس إدارة هيئة الأوراق المالية على ضوابط حوكمة الشركات ومعايير الانضباط. وتلتزم الشركات بالإفصاح عن الأسباب التي حالت دون ترشح أي عناصر نسائية إضافة إلى التزامها بالإفصاح عن نسبة تمثيل النساء في مجالس الإدارة من ضمن تقريرها السنوي للحوكمة.
وتطالب التعديلات الجديدة الشركات المساهمة بوضع سياسة خاصة بالترشح لعضوية مجلس الإدارة بهدف التنويع بين الجنسين من ضمن تشكيل مجالس الإدارة وموافاة الهيئة بنسخة من هذه السياسة. وستشمل تعديلات قانون الحوكمة إلزام الشركات الإماراتية المدرجة بتخصيص 20 في المئة من أعضاء مجالس إدارتها للنساء.
تتفاوت نسبة تمثيل المرأة في مجالس إدارات الشركات المساهمة في المنطقة من دولة إلى أخرى إلا أنها تُعتبَر ضعيفة جداً مقارنة بالدول المتقدمة وبالتالي ثمة اقتراحات بفرض كوتا للسيدات في مجالس إدارات الشركات كما هي الحال في بعض الدول الأوروبية.
يذكر أن كل الدراسات خصوصاً الدولية تؤكد وجـود علاقة إيجابية وقوية بين وجود تمثيل نسائي في مجالس إدارات الشركات والأداء المالي لها إذ أثبتت دراسات كثيرة أن التمثيل النسائي قدم قيمة مضافة إلى مجالس الإدارة باعتباره جزءاً مهماً في صناعة القرارات إضافة إلى أهميته في إثراء النقاش والحوار وانضباطه كما يساهم التمثيل استناداً إلى بعض الدراسات في مضاعفة العائد على رأس المال والعائد على الموجودات وتحقيق نمو واضح في حقوق المساهمين.
ويبلغ العائد، مثلاً، على أصول الشركات التي لا يوجد فيها تمثيل نسائي في الأردن 0.99 في المئة بينما وصلت النسبة إلى 3.3 في المئة في الشركات التي فيها تمثيل نسائي. وأشارت دراسة أعدها مصرف "كريدي سويس" إلى أن الشركات التي يضم كل منها امرأة على الأقل في مجلس إدارتها تفوقت بنسبة خمسة في المئة على الشركات التي لا تضم عنصراً نسائياً. وفي الوقت الذي تستحوذ المرأة الأردنية على 16 في المئة من القوى العاملة، هي تشغل فقط ستة في المئة من المناصب في مجالس الإدارة.
ويساهم التمثيل النسائي في انخفاض التعرض إلى الأخطار ويعزز اهتمام الشركات بالتطور المهني للســيدات مقارنة بالشركات التي لا يتوافر لديها تمثيل. ويجب الأخذ في الاعتبار أن القرارات المالية والاستثمارية للنساء تتسم عادة بالتأني وعدم التسرع وبالتالي يساهم وجود المرأة في مجالس الإدارة في اتخاذ قرارات ذكية ذات تأثير دائم، وفق دراسات كثيرة.
وبالإضافة إلى التنوع بين الجنسين يستهدف التمثيل النسائي في الشركات تعزيز التنوع المهني والعلمي وتنوع الخبرات والمعرفة ووجهات النظر والأفكار الجديدة وإيجاد حلول إبداعية فضلاً عن القدرات اللافتة في مجال الابتكار، ما يساهم في تفعيل الدور الذي يؤديه المجلس ويعزز كفاءته في ظل العلاقة التكاملية وليس التنافسية بين الرجال والنساء داخل المجلس في سوق عالمية تنافسية.
وتصل نسبة التمثيل النسائي في الدول المتقدمة إلى 23 في المئة، وهو سجل 30 في المئة في الفيليبين. وألزمت ألمانيا خلال نيسان (أبريل) الماضي أكثر من 100 مؤسسة مدرجة في البورصة بتخصيص 30 في المئة من المناصب الإدارية العليا للنساء علماً بأن نسبة التمثيل النسائي يساوي في ألمانيا 11 في المئة وفي أميركا 16 في المئة وفي بريطانيا 15 في المئة وفي النرويج 40 في المئة.
وعلى رغم تطور معظم مجتمعات المنطقة اقتـــصادياً وفكــرياً وثقافياً واستثمارياً واجتماعياً لم يفلح هذا التطور تماماً في منح المرأة التمثيل الصحيح والمساوي للرجل في العديد من المواقع القيادية الاقتصادية والمالية والمصرفية والاستثمارية وتمكينها من تبوأ مواقع قيادية في هذه المجالات. وفي المقابل يُلاحَظ أن المرأة الإماراتية تترأس حالياً المجلس الوطني الاتحادي (مجلس النواب أو الأمة) وتستحوذ على ما نسبته 22.5 في المئة من عدد أعضاء المجلس وما نسبته 27.5 في المئة من مجلس الوزراء.
والمطلوب حالياً تأهيل المرأة في المنطقة في مجال إدارة الشركات خصوصاً المدرجة في أسواق المال إذ تتطلب عضوية الشركات مقداراً كبيراً من المعرفة والخبرات والمهارات. وتشير التقارير إلى أن 22 في المئة من الأصول في المنطقة والتي تقدر قيمتها بنحو 700 بليون دولار تعود ملكيتها للعنصر النسائي.