الرياض – سحر الرملاوي - " وكالة أخبار المرأة "
المرأة السعودية كانت وستظل دائماً هي تلك التي تجاوزت بإصرارها وإرادتها كافة العقبات التي حاول المجتمع من قديم أن يضعها أمامها.. امرأة كان لحضورها المحلي وقع القوة، ولحضورها العالمي وقع المفاجأة.. استطاعت أن تستفيد من كل نافذة شرعت لها، ومن كل باب فتحه أمامها ولاة الأمر واحداً بعد واحد.. قالت بكل الطرق وبكافة الوسائل هذه أنا؛ المرأة التي أعطيت خمسة فأنتجت عشرة، أثبت جدارتي في كل موقع وأقدم دليل وطنيتي في كل محفل..
ابنة هذا البلد المعطاء ابنة المملكة العربية السعودية التي اعتزت ببلادها فاعتزت بها البلاد وكرمها العباد وتلقى أنباء صعودها القاصي والداني بتقدير وإعجاب كبيرين..
السفيرة الحقيقية والمتحدثة الرسمية والبرهان المعجز على أن أقل من مئة عام في بلاد تتمتع بالحصافة والثقة والإرادة يمكن أن تغير الظروف وتقلب الموازين وتحول المرأة التي كانت كائناً مستضعفاً مغيباً إلى كيان ذي حضور وقوة يتحلى بالعلم ويترقى في العمل مع احتفاظه بعراقة الجذور وصلابة النشأة.
هي مديرة إدارة الإعلام في منظمة التعاون الإسلامي ورئيسة تحرير مجلة «ذي جورنال» بالإنجليزية و «مجلة المنظمة» بالعربية الصادرة عن المنظمة، والمستشارة الإعلامية للأمين العام. وأول امرأة تُعين في المنظمة كموظف محترف (professional officer) وأول سعودية تدير تحرير مجلة تصدر في السعودية عام (2006) إنها مها مصطفى محمد عقيل.
سبق عملها الإعلامي في المنظمة تاريخاً مشرفاً من العمل الإعلامي المتواصل المنوع فقد عملت في جريدة «عرب نيوز» لمدة خمس سنوات كمحررة صحفية تكتب عن المواضيع الاجتماعية خاصة حقوق المرأة والطفل والمواضيع الصحية والتعليم، وأشرفت على الصفحة الاقتصادية فيها بين عامي (2002 - 2006) وعملت كذلك في معهد الإدارة العامة بالرياض كمحاضرة (1995)، وعملت أثناء دراستها في أميركا مسؤولة العلاقات العامة (فرع لوس انجلوس) لجمعية «دار الطفل» للأيتام التي مقرها فلسطين، ومعدة ومقدمة برامج في التلفزيون العربي الأميركي.
ومها عقيل، حاصلة على بكالوريوس إعلام من جامعة فولرتن في كاليفورنيا، الولايات المتحدة الأميركية (1990) وماجستير إدارة أعمال تخصص تسويق من جامعة «لويولا ماريمونت» في كاليفورنيا، الولايات المتحدة الأميركية (1993) وماجستير إعلام من جامعة كالغري في كندا (2003) وقد قدمت بحثا عن المرأة السعودية في الإعلام: وضعها والمعوقات التي تواجهها والقضايا التي تناقشها وأصدرت كتابها الأول عام 2010 بعنوان «المرأة السعودية في الإعلام».
وهي نشيطة في مجال الكتابة الصحفية، ونُشرت لها مقالات بالإنجليزية في صحف عالمية مثل «هفينغتون بوست» و«عرب نيوز» و«غولف نيوز» و«ديلي نيوز» و«ديلي ستار» و«ميد ايست بوست» وصحيفة «دون» الباكستانية وصحيفة «تودايز زمان» التركية وترجمت مقالاتها للغات أخرى ونشرت في إندونيسيا وماليزيا وفرنسا وألمانيا وباكستان وغيرها. ونشرت لها مقالات بالعربية في جريدة الشرق الأوسط وصحف أخرى في مصر ولبنان والمغرب.
وأُجريت معها لقاءات صحفية وتلفزيونية عالمية مثل «نيويورك تايمز» و«بي بي سي» و«العربية» و«الحرة» و«الان»، إضافة إلى الصحف والقنوات التلفزيونية السعودية والعربية.
وهي عضوة في لجنة العلاقات الدولية في غرفة التجارة والصناعة بجدة وعضوة في هيئة الصحفيين السعوديين وهي عضوة في عدة جمعيات خيرية وقد شاركت في منتديات ومؤتمرات محلية حول المرأة في الإعلام ودور الإعلام في التنمية منها منتدى الإعلاميات الثاني في الرياض (2007) دور الإعلام في التنمية الذي نظمه برنامج التنمية للأمم المتحدة مكتب الرياض (2007) والملتقى النسائي الثالث بالدمام (2011).
كما شاركت في منتديات دولية حول المرأة والتنمية ودور المرأة في حوار الحضارات منها المؤتمر الثاني لمنظمة المرأة العربية في أبوظبي (2008) ودور المرأة في حوار الحضارات الذي عقد في أذربيجان (2008) والمرأة في الإسلام الذي عقد في ماليزيا (2009) والمؤتمر العالمي للمرأة في فرنسا (2009) ومؤتمر القيادات النسائية في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والبحر المتوسط الذي عقد في المغرب (2010) و (2014) ومنتدى عن المرأة في الإعلام والصورة النمطية في تركيا (2015).
وشاركت في تنظيم الإعلام في منتدى جدة الاقتصادي 2005 ومنتدى سيدات الأعمال السعوديات في جدة 2007.
البداية السعيدة
عن رحلتها وبداية مسيرتها، تقول: «سأتحدث عن عملي في منظمة التعاون الإسلامي في عام 2006م (وكان اسمها في ذلك الوقت منظمة المؤتمر الإسلامي) وكنت أعمل صحفية في جريدة عرب نيوز وحضرت لتغطية مؤتمر صحفي في مقر المنظمة في جدة لرئيس الوزراء التركي في ذلك الوقت رجب طيب اردوغان، وتوالت تغطيتي الصحفية لمؤتمرات ونشاطات المنظمة وأمينها العام حينها البروفيسور أكمل الدين إحسان أغلي، الذي عرض علي العمل في المنظمة من أجل تطوير أدائها وإنتاجها الإعلامي. وبعد أن استشرت الأهل والأصدقاء واستخرت الله وافقت على أن أبدأ بفترة تجريبية لأنها كانت نقلة نوعية بالنسبة لي الانتقال من بلاط صاحبة الجلالة الصحافة إلى قاعة منظمة دولية، إضافة إلى أنني كنت السيدة الأولى التي تخطو داخل المنظمة كموظفة منذ السبعينات، فكنت متوجسة من جو العمل وطبيعته، وعندما عُينت رسمياً بعد بضعة أشهر كنت السيدة الأولى التي تعين موظفة متخصصة في تاريخ المنظمة. وفي بداية عملي في المنظمة أنشأت مجلة المنظمة - مجلة فصلية تصدر باللغة العربية والإنجليزية - وبتعاون الزملاء في إدارة الإعلام أصبحت مجلة مهنية منوعة تغطي أخبار المنظمة ونشاطاتها وتعنى بأهم قضايا وأحداث العالم الإسلامي. كما أطلقت نشرة أسبوعية إلكترونية تصدر بالثلاث لغات الرسمية للمنظمة - العربية والإنجليزية والفرنسية - وهي ترصد أخبار المنظمة ومؤسساتها خلال أسبوع وما ستقوم به من نشاطات في الأسبوع التالي. وبفضل الله وحمده نجحت في هذين المشروعين وفي إصدار مطبوعات أخرى للمنظمة وبعدها أصبحت مسؤولة المطبوعات. وبعد انتهاء فترة مدير إدارة الإعلام منذ عامين تقريباً، تقدمت للوظيفة الشاغرة مع عدد كبير من المرشحين من دول العالم الإسلامي، والحمد لله نجحت في الاختبارات واللقاءات الشخصية وتم اختياري من قبل لجنة التعيين والأمين العام السيد إياد أمين مدني، وكنت أول سيدة تعين مديرة في المنظمة».
اهتمامات جوهرية
عن اهتماماتها الأخرى، تقول: «أنا دائماً مهتمة بقضايا المرأة وحقوق الإنسان وتنمية المجتمع. أحاول أن أُدافع عن الحق وأطالب بالعدالة وحفظ كرامة الناس. الظلم والقهر يؤلمني ويستفزني. أرى من واجب كل شخص إماطة الأذى وفعل الخير ولو القليل والقول الحسن. وهذا ما نشأت عليه في أسرتي».
وتضيف: «أبحث عن التميز وتقديم ما يخدم المجتمع. لا أتردد في المشاركة ودعم أي مشروع يخدم تنمية المجتمع وبناء قدرات الأفراد ففي عالمنا المضطرب اليوم المترابط المتسارع المتغير يجب علينا بناء مجتمع المعرفة والاعتماد على قدراتنا وتطوير آلية تفاعلنا مع العالم ومواكبة الأحداث والتطورات. يشغلني كيف أكون عامل تغيير للأفضل ولا أظل متفرجة».
وتستطرد: «المرأة السعودية حققت الكثير في فترة تعتبر وجيزة، خاصة في مجال التعليم والتفوق العلمي وكل مجالات العمل والإبداع التي دخلت فيها وحققت فيها نجاحات شهد بها العالم كله، ومع ذلك تكبح طموحاتها وآمالها القيود الاجتماعية وبعض الأعراف والتقاليد. ولكن أنا أثق في عزيمة وإصرار المرأة السعودية لتجاوز كل المعوقات والعقبات لتحقق أهدافها فالمرأة عليها أن تكون لديها الإرادة والعزيمة والإصرار لتصبح في منصب تنفيذي ولكن يجب في المقابل أن يكون هناك قرار من مسؤول ليجعل ذلك ممكناً والا ستظل المرأة تصطدم بالسقف الزجاجي مهما حاولت كسره».
مها عقيل من قريب
تعتقد مها عقيل أن الإرهاب هو آفة العصر ولكنه ليس ظاهرة حديثة، فالإرهاب موجود على مر العصور وليس له دين أو عرق أو بلد، ودائماً هناك أسباب وخلفيات لظهوره وانتشاره، ومن ذلك الفكر المتشدد والإجرامي الذي يبرر لصاحبه استخدام الإرهاب لتحقيق مصالحه معتمداً على نصوص وأدبيات تخدم توجهه ومنهجه. ولكن هناك أسباب أخرى منها الظلم والفقر والجهل التي قد تدفع بعض الأشخاص الذين ربما لديهم ميول عدوانية أو اضطرابات نفسية أو يأس وإحباط من واقع المعيشة البائس الذين يعيشونه للانخراط في الأعمال الإرهابية، ويجب التعامل مع هذه الأسباب، ولكن كل هذا لا يبرر أبداً هذه الأعمال المرفوضة مهما كانت الأسباب. بالإضافة أيضاً أن هناك جهات تعمل في تنظيم وتمويل وتخطيط الإرهاب واستقطاب المنفذين وتدريبهم لتحقيق مصالح معينة وهؤلاء هم أساس المشكلة.
أما عن أسرتها فتقول: «أهلي وأسرتي هم داعمي الأول وأعتمد وأثق في حبهم لي ونصحهم لما فيه مصلحتي وهم الحضن الدافئ الذي أعود إليه بعد عناء يوم عمل أو سفر».
وعن متابعتها للدراما تقول: «أنا لا أحب مشاهدة التلفزيون كثيراً وأشاهد ما يروق لي فقط. أحب التعرف على الناس والتواصل معهم ولكن لدي مجموعة من الصديقات المقربات هن من أخرج معهن كثيراً. ولدي حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي ولكني لست ممن يقضين وقتاً طويلاً عليها. وانا أتابع الموضة واختار منها ما يناسبني وأحياناً أحب التغيير. أنا متذوقة جيدة للأكل وأجيد الطهو ولكني لست من هواة المطبخ. كان لدي قطة وفي صغري كان لدي عدة حيوانات أليفة، كما أنني أحب القراءة والكتابة والرسم وسماع الموسيقى والتصوير والسفر».
السفير طارق بخيت: تأهيلها الأكاديمي سر نجاحها
يقول السفير طارق علي بخيت مدير عام إدارة الشؤون السياسية في منظمة التعاون الإسلامي عن العوامل والسمات الشخصية التي يرى أنها كانت الاكثر تأثيراً على المسيرة المهنية لمها العقيل ودفعتها للمواصلة والنجاح: «أحد أهم العوامل في نجاح مها عقيل في عملها مديرة للإعلام في منظمة التعاون الإسلامي يتمثل في التأهيل الأكاديمي الممتاز الذي حصلت عليه، الذي شكل أساساً متيناً لها أعانها على استيعاب طبيعة العمل الذي تضطلع به، إلى جانب خبرتها الإعلامية صحفيةً متميزة ظلت تكتب باللغتين الإنجليزية والعربية وذلك حتى قبل التحاقها بمنظمة التعاون الإسلامي، وواصلت كتابة المقالات الصحفية وهي مديرة لإدارة الإعلام».
ويضيف: «عامل آخر ساعدها على النجاح في العمل يرتبط بقوة الشخصية والانفتاح الإيجابي علي الصحافة المحلية والعالمية والتعاون مع جميع المسؤولين في الإدارات المختلفة في الأمانة العامة».
أما عن أهم إنجازاتها على الصعيد العملي وتوقعاته لمستقبل العطاء العملي لديها يقول بخيت: «إن ربطها للمنظمة بأجهزة الإعلام في الدول الأعضاء والصحافة المحلية والعالمية وإنشاء قاعدة بيانات في إدارة الاعلام لهذه الأجهزة بحيث تتلقي أخبار المنظمة بصورة دورية يعتبر من أهم إنجازاتها، بجانب إصدار مجلة شهرية تتضمن أخبار المنظمة، ومقالات تحليلية حول العديد من القضايا التي تهم العالم الإسلامي». ويشير إلى أن «متابعة توصيات وقرارات مؤتمرات وزراء الإعلام أحد أهم التحديات التي تواجه مها لأنها تتضمن برامج ومشروعات إعلامية مهمة من بينها إنشاء قناة فضائية للعالم الإسلامي. وأتوقع أنها ستستمر بذات الحماس بمعاونة فريق العمل المتمكن الذي يعمل معها في إدارة الاعلام من تحقيق المزيد من الإنجازات».
ويستطرد: «يشكل التعليم أثراً كبيراً في بناء شخصية المرأة بصورة عامة والعمل الذي تضطلع بِه مها في الأمانة العامة يتماشى مع ما نالته من تعليم متخصص في هذا المجال وساعدتها خبرتها العملية والبيئة التي نشأت فيها علي تحقيق النجاح المطلوب في هذه المهنة بحيث تمكنت في وقت وجيز من الترقي في درجات السلم الوظيفي في المنظمة حتي أصبحت أول سيدة تتولي مهام احدى اهم الإدارات في الامانة العامة للمنظمة وهي إدارة الإعلام».