فاطمة بوراس - المغرب - " وكالة أخبار المرأة "
لقد جاء دستور 2011 بمضامين هامة من بينها التركيز على مؤسسات دستورية ومقتضيات هامة تضع المرأة المغربية في نفس مرتبة الرجل. لكن السؤال المطروح هو: هل نجحت فعلا الحكومة الحالية في تحقيق هذا المطلب الدستوري؟
إن الفصل 19 من الدستور الذي يشير إلى هيئة المناصفة ومحاربة كافة أشكال التمييز بمثابة مكتسب لا محيد عنه، بل أصبح مرجعاً هاماً للحركة النسائية بالمغرب، لكن الحكومة وفي ولايتها الأخيرة حالياً أخرجت مشروع قانون لقي انتقاداً كبيراً، ليس فقط من طرف الجمعيات الحقوقية لكنها تلقت انتقادا أيضا من المؤسسات الدستورية مثل المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمجلس الاقتصادي والاجتماعي.
فبعد مرور أربع سنوات تبين انه لا يزال يشهد نقاشات حادة داخل قبة البرلمان إذ أنه كان محط سجال كنضيره مشروع قانون المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة باعتباره يمس المرأة بشكل مباشر، بين وزيرة الأسرة والتضامن وبرلمانيات من المعارضة.
وقد لوحظ أن عددا من الجميعات النسائية اعتبرت أن أكبر إخفاق للحكومة هو الفشل في إخراج قانون متعلق بمحاربة العنف ضد النساء إذ أنه لم يرى النور بعد؛ رغم أنه مشروع قانون مهم يضع قوانين زجرية خاصة فيما يتعلق بالتمييز ضد النساء، إضافة إلى تضمنه، حسب نسخة غير رسمية، على مقتضيات لمحاربة التحرش في الشارع وفي ميادين العمل.
لكن أمام هذا الإخفاق الذي انتقده كثيراً الحركة الحقوقية والنسائية، فقد تم إحداث صندوق التكافل العائلي سنة 2012، يستهدف المرأة المطلقة المعوزة والأطفال المستحقين للنفقة، إضافة إلى صندوق دعم التماسك الاجتماعي سنة 2012 لدعم وتعزيز التماسك الاجتماعي للفئات في وضعية الهشاشة، ومن بينها النساء الأرامل الحاضنات لأطفالهن.
فبعد تقييم الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب للحصيلة الحكومية بمناسبة الثامن من مارس، اعتبرت أن الحكومة لم تستطع إصدار القانون المتعلق بمحاربة العنف ضد المرأة، ولا مراجعة القانون الجنائي الذي عمر لأزيد من نصف قرن، كما طبع استنتاجها بأن المنحى الذي عرفه المسار الاعدادي لهذه المشاريع القوانين وقوانين أخرى كقانون هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز وقانون المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة، عرف بعض العراقيل كما تميزت مضامين هذه القوانين بالابتعاد كليا عن روح الدستور ومقتضياته.
وتبعا لذلك فإن الحكومة قد أدرجت من ضمن ما حققته للمرأة -الخطة الوطنية للمساوة-، والتي تروم إلى تعزيز السياسات العمومية والتنموية ومرافقتها بتدابير وإجراءات تضمن الولوج إلى الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والمدنية وإلى الاستفادة المتساوية منها وتناهض التمييز ضد النساء، إلا أن المؤشرات التي قدمتها التقارير الدولية والوطنية وتقارير الجمعيات تبرز تراجعاً في ولوج النساء إلى الشغل وتفاقم مظاهر الهشاشة والفقر والبطالة.
وعلاوة على ذلك هو ما خلفته التوصية الصادرة عن المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالمساواة في الإرث بين الرجل والمرأة قبل أشهر، وهو ما لم تستسغه أحزاب كثيرة في صف “المحافظة”، منها حزب العدالة والتنمية، في حين حضيت بدعم كبير من الجمعيات الحقوقية والنسائية.
إن حصيلة الحكومة في مجال صيانة حقوق المرأة أجاب عنها تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الذي كشف أن هناك تراجع قوي في مجال مساهمة المرأة في النشاط الاقتصادي والاجتماعي للمغرب”، حيث أن 50 في المئة من الساكنة النشطة بالمغرب، لا توجد فيها سوى نسبة 17 في المئة من النساء، اللواتي يتوفرن على وظيفة أو شغل.
وللإشارة، فإن العديد من الجمعيات والمنظمات المهتمة بحقوق النساء، وصفت حصيلة الحكومة بالغير إيجابية، وعلى رأس هذه المنظمات منظمة العفو الدولية، التي أوردت في تقرير لها - أنها عاجزة عن حماية حقوق المرأة- بالإضافة إلى “الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب”، التي أكدت بدورها أن “هناك مفارقة صارخة بين مقتضيات دستور 2011 واختيارات الحكومة، بخصوص حصيلة حقوق النساء بالمغرب.
وعلى الرغم من كلّ ما جاء به دستور 2011، من فصول تعزّز حقوق المرأة المغربية، إلا أنّ "ما تحقّق ممّا نصّ عليه الدستور، يظلّ محدودا جدّا مع الحكومة الحالية، لأن النصوص الدستورية وحدها لا تكفي لحماية الحقوق والحريات، بل تحتاج إلى ضمانات لاحترامها وتفعيلها، من خلال دعم النظام القانوني، وسيادة الدستور بما يُفضي إلى سُموّه على باقي القوانين، مع ربْط حقوق النساء بالحقوق الإنسانية عامّة.