هتون الفاسي - السعودية - " وكالة أخبار المرأة "
يضج العالم الافتراضي والواقعي هذه الأيام بإعلان كل من صندوق الاستثمارات العامة السعودي، الذراع الاستثمارية السيادية للمملكة للاستثمارات طويلة الأمد، وشركة أوبر، عن استثمار جديد للصندوق في أوبر بقيمة 3.5 مليارات دولار أميركي (الاقتصادية 3 يونيو 2016). وشركة "اوبر" لخدمات سيارات الأجرة أطلقها ترافيس كالانيك وجاريت كامب Travis Kalanick and Garrett Camp من سان فرانسيسكو عام 2009 ووصلت المملكة في 21 مايو من عام 2014 (افتتحها صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن الوليد بن طلال بن عبدالعزيز)، وتغطي 463 مدينة في العالم وتبلغ قيمتها السوقية 62.5$ مليون دولار.
ويأتي ضخ هذا المبلغ في شركة أوبر من باب تنويع مصادر دخل المملكة ضمن رؤية المملكة 2030 التي أعلنت في مايو الماضي. والمفارقة أن هذا الاستثمار يأتي بعد تصريح وزارة العمل في أبريل الماضي أن هناك نوايا بحجب خدمات تطبيقات نقل اوبر Uber وكريم بعد مهلة ستة أشهر نظراً لأنهما مخالفان لأنظمة الدولة وخاصة نظام الخدمة المدنية ووزارة العمل وإدارة المرور. وقد أدى تصريح وزارة النقل للاقتصادية (7 أبريل 2016) إلى إحداث بلبلة آنذاك لاسيما في الأوساط النسائية، وهي المستفيد الأول من هذه الخدمة ولم تهدأ مواقع التواصل الإلكتروني في التعبير عن غضبها واستيائها من هذا القرار الذي يحرم النساء من خدمة تعوض حرمانها من قيادة السيارة وتجعل حركتها مرنة ومضمونة وآمنة إلى حد ما.
وخدمات اوبر الأميركية وكريم الإماراتية وإيزي تاكسي البرازيلية، تعتمد على تطبيق إلكتروني لطلب سيارة بالموبايل بدلاً من الوقوف في الشارع والتأشير لسيارة أجرة مارة، ثم تحديد لموقع الطالب والموقع المراد الذهاب إليه على الجوال الذكي، ويستجيب إليه أقرب سائق متعاون مع أوبر إلكترونياً أيضاً، وهذا السائق له مطلق الحرية أن يفتح علامة استعداده للتوصيل وقتما يكون مستعداً وهي الآلية التي تجعل من اوبر مغرياً للكثيرين كعمل ذي مرونة عالية، وتحسب القيمة حسب الكيلومترات المقطوعة وتخصم من حساب البطاقة الائتمانية المخزنة مسبقاً بعد الوصول إلى الوجهة.
وبناء على الاستمثار البليوني هذا في اوبر فإنها ستؤجل طرح أسهمها في سوق الأسهم حتى تاريخ غير معلن نظراً لتأمين المملكة لرأس مالهم بهذا المبلغ الضخم الذي ستتقاسم بموجبه المملكة حصة من أرباح هذه الشركة التي توسعت في مدن المملكة الرئيسية الثلاث في غضون عامين فقط، ولم أصل إلى معلومة كم هي أرباحهم خلال هذه الفترة.
وتستمر مواقع التواصل الاجتماعي والنساء على وجه الخصوص في التعبير عن استيائهن من الصفقة ويعتبرن أن فيها انتهازية واقتئاتاً على حساب معاناة النساء وعذاباتهن في حرمانهن من قيادة سيارة واعتمادهن على سائق سواء كان سيارة خاصة أو عامة أو أوبر، بل ويدعون اليوم إلى مقاطعة أوبر باعتبار أنها اليوم تستثمر مع دولتنا في استنزافنا مادياً دون رحمة ودونما توفير وسائل مواصلات عامة حقيقية.
المعاناة لا تقتصر على عدم القيادة ولكنها تمتد إلى الإرهاق المادي المستمر لجيب المرأة المخروم في حد ذاته والمحدود. وعلى الرغم من أن 90% من مستخدمات أوبر هن من النساء، إلا أن هذه الخدمات الذكية تقتصر على المدن الكبرى، وعلى من لديهن حساب بنكي وبطاقة ائتمانية وخبرة إلكترونية وجوال ذكي، فلا شك أننا لا نعني كل نساء المملكة، لكن كل نساء المملكة متضررات من تركهن في عهد الرؤية الجديدة تحت رحمة استثمار لا يقدم شيئاً إلى تمكينهن ولكن إلى استكمال مسيرة الاستغلال والإفقار والإقهار. مرة أخرى لا يمكن لرؤية مستقبلية للمرأة اقتصادية وتعليمية من غير رفع حظر منع قيادة السيارة عن عاتقها.