القاص والكاتب: عبد الجبار الحمدي - العراق - خاص بـ " وكالة أخبار المرأة "
ماذا تريد يا هذا؟؟
سألني وأدار وجهه..
تقرفصت أمامه لأرى بماذا يُحدث نفسه ومع من في خلوته بعد هلوستي معه؟؟ رمقني بأنه بين يدي من لا فكاك منه.. فسمعته يقول:
يا من اعبد ما أن انتهيت من بلع مرارة هلوستي حتى جائتني الرفسة من حيث لا أعلم، مسقطة اضراس لي، لاهم لها من باطن فمي سوى ان تلوك مرارة أيام عقيمة، لم تنجب توائم احداث إن وَلَدت، فترى الاولى مشوهة، الثانية معاقة ومصابة بداء العداء والانتقام من ذلك العوق الذي لحق بها، كونه مقرون بمسميات لا تخلو من ان تتمسح بها كورقة قاذورات فلا ينابك منها سوى الرائحة الملتصقة والوساخة..
مفردة عجيبة هي الوساخة!!! يهرب إليها الكثير بمستحضرات التجميل، المنظفات الطبيعية والصناعية، التي لا تنفك تروجها عقول همها تنظيف اجساد بشر ناكرة تنظيف عقولهم، فكلٌ يتبع ملة وسلطانا، اننا حين ننادي من على منابر خطابة لا نفتأ ان نحرك اصابع خفية تلكز بروية مكان محرم لكل من يرى انه غير مقتنع بما يسمع او بما يرتديه المقابل، فالافكار هنا لابد لها ان تتوحد، كما هي الرسالات الإلهية المنزلة عبر عصور جليدية، طباشيرية، كلسية وجيرية، ربما لم يكن للإنسان نصيب من الحياة فيها، لكن بالتأكيد وصله الظلام المترسب العالق في اذيال من شاركه دخول التبشير، فقد قيل ان هناك ألف آدم قبل آدمكم هذا.. ذاك يعني للمجنون قبل العاقل، اننا لا نخلو من رسالات نجهلها، لا ندري بأي شيء بشرت او بحثت فعالم الغيب الذي اختص به المكون نفسه، لا يمكن لعقل لا يتتجاوز ماهية حبة جوز صغيرة ودماغ مقسوم الى نصفين ان يقارعا غيبياته، لذا ترى ان الصراع الأزلي الذي اقام الملائك واقعدها، إنما هو الطمع في الربوبية، فمن يحارب بجهل علمه من لا يمكن ان يراه ذاك هو ضرب من الجنون، وإلا هل يمكننا ان نصارع مقدرات كتبت علينا؟ او وقف عقوبات دنيوية او أخروية، بالتأكيد لا.. فذا النبي يونس حين عاف وترك من أرسل اليهم لجهلهم وجزعه، أمسكه الله ببطن حوت عقابا، وبقي مبتليا بمحنته الى أن عفى عنه وهو يصرخ سبحانك لا إله إلا انت اني كنت من الظالمين..
يا لربي ظالم لنفسه نصرة لله لحكمة غيبية، عقابه بأن بلعه الحوت، فما عقابنا نحن وفي كل ثانية نبتلع مئات من النفوس في نفاقنا الاجتماعي الذي سُرب لنا على يد من تراهن على ان يوردنا النار قسرا ورغما عنا ماعدا من اختصه الخالق بالصلاح..
مجانين نحن في عالم الجنون فيه بات خرقا للجنون العقلي بحرفية النوازع البشرية التي تتطيب للخبيث من الموروثات فيها، نحن نصارع ربا لا نراه، نجهل قوته وكينونته، مع علم من سبقونا بقدرته وجبروته، دابنا اننا اصحاب نفوذ وسلطات نحب ان نتجمل، لكن لا يعيبنا الكذب، نتسوق بضائع انتهت صلاحياتها منذ آلاف السنون ثم نبتلع حيائهم جاهلية لنودعها بوتقات ملت الوئد في حفر ترابية، أخيط عليها بجلابيب طبقات دعوة انها عورة، لا يسترها سوى الدس في التراب او تكون كغراب حين يلبس ريشه الاسود، ليقارن برهان انه اجمل المخلوقات، جهالة ورثناها مغطاة بعباءات دين ربما لم تكن سوداء حينها، غير أنها مع مرور الزمن رُميت في غياهب عقول فاسودت مصطبغة هي الأخرى ثم تهطلت جفون اعتادت الظلمة فما عادت قادرة على رؤية ضياء
تريث يا صديقي تريث شكواك ربما تكون ليست وافية دعني اضيف على مسامعك التالي..
لعلك لا تعي او تدرك أن فلسفة الجاهلية عار المستضعفين في الأرض، بتنا نراها وعيا ديناميكيا جعلنا نتخذه بطانة لوجوه تقرحت من موروثات التوأم الثاني، فما عدنا نميز ان صراع اخوة يورث البغضاء للجميع، قبلها دناءة نفس ووسوسة شيطان بأمر من خلق اخرجتنا من ارض الإحياء، بعد تحدي إرادته في عصيان امره، تلك نفسها الفلسفة التي تاه بها شعب الله المختار اربعون عاما، تركهم يدورن في فلك واحد دون ان يشعروا او غيهم صور لهم ذلك، لم إذن آمنوا ثم ارتدوا بعد ان صنع لهم السامري ربا جديدا من ذهب مصفى، فكانوا كالثور للناعور، غُطي بصره وبصيرته فما عاد يرى ابعد من خطى اقدامه، وحين سئل قَالَ ( بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي ) اي نفس يحملها الانسان سوى الراغبة بالألوهية والربوبية تلك التي جعلته يبصر شيئا لا يمكن لمثله أن يبصره ما لم يكن مقدر عليه ولسبب، إذن هو مشروع غيبي لغاية، كما لا تنسى حتى المبشرين اقمنا عليهم الحد أجمعهم دون استثناء، بعلم وإرادة من خلقهم كما المقيمين الحد، لتبيان أمر نص عليه اننا احجار ووقود لزمن مخبىء غير معلوم متى قدومه، ربما لخص ذلك لو تمعنا في كتاب المكون انه قال: ( النار وقودها الناس والحجارة ) ولو تفلسفنا قليلا لقلنا ان الناس فذاك عذابهم لكن لم الحجارة ..؟؟
المنطق العقلي البشري الصغير يقول:
الحجر صلد صوان، لا يحس، لا يشعر، لِمَ يعاقب مع البشر، ارى من وجهة عقلي انهم اناس خلقوا على هيئة حجر عوقِبوا لعدم طاعة في عصر من العصور هكذا حبة الجوز تقول او الفلسفة في حال ايجاد اجابة يمكن ان تفي بالغرض يلجأ الكثير منا الى التأويل كالعراف ..
إننا يا صديقي نرمي الله بالعداء، نهجو، نذم، ندعي ونبتدع بإسمه، ثم ما ان تؤول الأمور عكس ما نشتهي نحوله الى رب صلد كالحجارة حتى نعبده ومن ثم ننتقم منه اشباعا لرغبة موروثة ناقصة الفهم بأن الحجارة ستعاقب هي ايضا مع من خلقناه وعبدناه ربا من حجارة.
وما جلوسك هنا تعبدا إلا مخافة من هول ستلاقيه لا محالة، فهلوستك التي تحاكيها لا تعبد طريق ولا تبني جسرا من ورق، تذكر دوما انك ما ابقيت لنفسك من ايام هي منتهية لا محالة، فمتى ما انتفى السبب لا حاجة وجودك، فالخالق ليس بحاجة لك ولا لي ولا حتى المبشرين، فالزم نفسك فكل ما كان ويكون وما سيكون ضمن حسابات رقمية، لو فككت طلاسمها لوجدت نفسك تعيش عالم آخر مع توأم مشوه آخر رقمي يدور مع مصفوفات غير معرفة معقدة جعلها الخالق سببا يتجدد للحيرة الآدمية بعد ان فتك جهالها بعقلائها ومرتادي الخطابة ليعودا بإبتكار جديد ضمن هلوسة فكرية صراعها لا ينتهي من اجل البقاء.