د. أنيسة فخرو - " وكالة أخبار المرأة "
هل التعدد هو الأصل أم العكس؟ هناك من يقول إن الأصل هو التعدد، ودليله ما نراه في معظم الكائنات غير البشرية التي لا تقبل بشريك واحد فقط، في حين من يقول إن الزواج الفردي هو الأصل، فدليله انه لو كان الزواج المتعدد هو الأصل، لخلق الله آدم ومعه اكثر من حواء.
التعدد هو الأساس في الإسلام، ويقول الدكتور مصدق: «كان الإسلام أول من حدد التعدد بأربعة، لأن الديانات التي سبقته لم تحدد وتركت الأمر مفتوحا، وإلى الآن وفي أميركا مثلا، توجد طوائف من المورمون والمسيحيين يتزوجون أكثر من عشر نساء، ولأن القانون المدني يمنع التعدد فيقوم بتسجيل واحدة رسميا، اما الاخريات فتعشن معه كصديقات، فهل المرأة والرجل يمكن أن يلبيان احتياجات بعضهما الجسدية والعاطفية والإنجابية والحياتية؟ والبيوت أسرار، ولكل حالة خصوصيتها، والتعدد أفضل من الزنا، خصوصاً إذا كانت المرأة لا تلبي احتياجات الرجل، وللمرأة الحق في طلب الطلاق، إذا لم يلب الرجل احتياجاتها المختلفة».
هل توجد جذور تاريخية تدفع إلى تعدد الزوجات في المجتعات الشرقية؟ وما أشكال الزواج السائد قبل الإسلام؟ وهل يوجد نص قرآني يحدد أسباب الزواج الثاني؟ الآية الكريمة تقول: «فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً». لكن الغالبية تركز على الجزء الأول من الآية وتغض الطرف عن الجزء المكمل لها.
هناك الكثير من الكتب الدينية التي تحدد أسباب الزواج الثاني على أسس شرعية، ومن أهمها: في حال مرض زوجته الأولى الذي يستدعي عدم قدرتها على المعاشرة الزوجية، والسبب الثاني: عدم قدرتها على الإنجاب. والشرط الأساسي قبل الاقتران بزوجة ثانية هو موافقة الزوجة الأولى على ذلك، والشرط بعد الاقتران هو العدل بينهما في الفراش وفي الإنفاق وفي كل شيء.
وهناك من يدّعي أن النسبة العالمية للنساء أكثر من الرجال، وهذه معلومة غير صحيحة، لأننا لو تركنا الأمر في شكل طبيعي من دون تدخل إنساني، لأصبحت النسبة متقاربة بين المرأة والرجل، لكن نتيجة الحروب أصبح عدد الرجال أقل من النساء، كما في العراق وسورية واليمن، في حين ان في البحرين، النسبة بينهما متقاربة، بل ان نسبة الرجال، على النساء، 51 في المئة، وفي فلسطين أيضا النسبة متساوية تماما 50 في المئة.
هل القدرة الجنسية للرجل تؤدي إلى حاجته لزوجة ثانية؟ وماذا في حال وجود قدرة جنسية كبيرة لدى بعض النساء التي تصل أحيانا إلى حد الشبق؟
وبالنسبة إلى تعدد الزوجات، فإن أساس التشريع الإسلامي هو الزواج بواحدة، والاستثناء هو التعدد، ثم إن التعدد ينقص من إنسانية كل من المرأة والرجل، ولا أعتقد أنه توجد امرأة تمتلك قدر من الإرادة تقبل بذلك، ومن حق المرأة شرعا أن تطلب الطلاق في حال اقترن زوجها بأخرى، ولا بد من علم الزوجة الأولى كشرط لإتمام الزواج الثاني.
إن ما يهمنا في الأمر هو السلوك والمعاملة، لأن الدين المعاملة، فمن يتزوج على زوجته بلا سبب شرعي مقنع كمرض زوجته وعدم قدرتها على الانجاب مثلا، أو من دون أن يحقق الشروط الشرعية، التي أولها موافقة الزوجة الأولى، وتوفير العدل التام من الناحية المادية والعاطفية والجنسية، فهو رجل لا يستحق الاحترام، لأنه لم يحترم العشرة الطويلة.
والحقيقة إني أرى نماذج كثيرة جميلة في العلاقة الزوجية بين المرأة والرجل، من حيث تقديس الزوجة وتكريمها، وبالمقابل التضحية والحب والإخلاص من قبل الزوجة، وحتى بداية الثمانينات لم أكن أرى أي رجل عربي متزوج من اثنتين إلا في ما ندر، لكن هذه الظاهرة بدأت تنتشر بجنون، بفضل انتشار الإسلام السياسي متمثلا في فكر «الإخوان» والسلف من جهة، والتطرف الشيعي من جهة أخرى، وأغلب من ينتمون إلى هذه التيارات تجد أن لديهم أكثر من زوجة وأطفال كثر، وغالبا الأسر التي بها تعدد زوجات يغلب فيها التفكك والتناحر. لذا فإن ظاهرة التعدد برزت مع ظهور تلك التيارات التي تستغل الدين لأغراض شخصية.