سهير جرادات - " وكالة أخبار المرأة "
في غمرة أفراحنا واحتفالاتنا بمرور سبعين عاما على استقلال اردننا الحبيب ، وعلى الرغم من صغر مساحته ، ومحدودية عدد مواطنيه ، وبساطة موارده ، إلا أنه صمد عبر السنين امام العديد من التحديات في الوقت الذي انهارت فيه دول مشهود لها بقوتها عددا وعدة ، وبقدر اعتزازنا بهذه الكوكبة الجديدة من رواد العطاء والانجاز من الأفراد ، والمؤسسات الوطنية التي استحقت التكريم من سيد البلاد على ما قدمته للوطن خلال مسيرة البناء ، إلا أن ما آلمنا أن نسبة النساء اللواتي تم تكريمهن لم تتجاوز 11:30 % ، إذ تم تكريم ثلاث نساء فقط من أصل 26 مكرما، حصلن على أوسمة ملكية لجهودهن في قطاعات ومجالات مختلفة ولدورهن في دعم ومساندة مسيرة الوطن في كافة الميادين .
قد لا يحضرني الآن مجموع النساء اللواتي حصلن على تكريم في مناسبات وأعياد وطنية تقديرا لتميزهن وعطائهن ومساهماتهن الريادية على مدار سبعين عاما في مسيرة البناء ، إلا أنه بالمقارنة بهذه الكوكبة فإن العدد لا يتناسب مع مجموع النساء الاردنيات اللواتي يصل عددهن إلى نصف المجتمع ، ولا يتناسب مع قدراتهن العلمية مقارنة مع ارتفاع نسبة التعليم بين الإناث في الاردن ، وهذه نسب يجب الوقوف عندها ، وتحليل مخرجاتها في سوق العمل والقطاعات والتخصصات التي تدخلها المرأة ، لقياس مدى تأثيرهن ودورهن في بناء الوطن ودعم مسيرته على مدار سنوات نهضته وتطوره .
هل يعقل أن نساء الأردن اللواتي ساهمن بحماية الاستقلال وتعزيزه منذ لحظة إعلان الاردن دولة مستقلة، وخضن قبل مرحلة الاستقلال معارك كي ينتزعن حقوقهن السياسية والقانونية والاجتماعية ،يفقدن استقلالهن الشخصي بعد مرحلة الاستقلال ، وهل يعقل أيضا أنه بعد أن تخلصنا من تبعية الانتداب ، نقع تحت سيطرة مزاجية الرجل، الذي يتحكم بقرارات المرأة وخياراتها، ويقف عائقا لطموحاتها باغلاق الأبواب أمامها ، وفرض السيطرة عليها اجتماعيا ، والابقاء على تبعيتها الاقتصادية ، وتقييد مكانتها وحريتها السياسية؛ لأن مفاتيح هذه الأبواب بيد الرجل ،الذي يحرص على عدم فتحها أمام المرأة ، والتعذر بالمعيقات التي تواجه المرأة في المحافل المحلية ، دون ادراج اي حل لها .
إن ما حققته المرأة من انجازات عبر مسيرة الوطن ،يعود إلى الدعم الملكي الذي يؤمن بضرورة أن تصبح شريكة فاعلة للرجل في العملية التنموية ، وظهرذلك جليا في اشراكها بكل الفعاليات الوطنية وتعيينها في منصب وزيرة وعين ومديرة ومسؤولة، والحرص على تواجدها في مجلس النواب، وتخصيص (كوتا) لها في قانوني الانتخاب والبلديات.
في ظل الفكر الذكوري المسيطر على مجتمعنا ،تصبح الحاجة ضرورية إلى "قوننة " حقوق المرأة ، حتى لا نبقيها بيد من يقفوا ضد الارادة السياسية ، ولنصل بذلك إلى ما يصبو اليه بلدنا في تحقيق التنمية ، من خلال اشراك جميع مكونات المجتمع ، ووقف مزاجية تعطيل الكفاءات النسائية ، التي على الرغم من استقلال بلادنا إلا أن حقوقها السياسية ما زالت تحت السيطرة الذكورية ، لأن مفاتيح التمثيل السياسي والمناصب العليا بحوزة الرجل الذي ما زال في أوج صراعه مع المرأة وينكر دورها الفاعل في بناء المجتمع.