لا تكمن أهمية السعادة في منحها شعوراً بالبهجة والارتياح، ولكن لها امتداد أكبر على كل إنسان، بل ولها أثر بالغ حتى في فعالية هذا الإنسان وإنتاجيته.
لقد تعددت الدراسات التي تتحدث عن أثر السعادة على الإنسان وحياته ليس من الجانب الشعوري أو الإحساس فقط، حيث يقال إن الإنسان الأكثر سعادة هو أكثر تميزاً وعملاً وإنتاجية، وإن الأقل سعادة عادة ما تكون إنتاجيتهم متواضعة، بل يفقدون كثيراً من الفرص، بسبب تعاستهم التي تعمي أبصارهم عن تلمس الطريق الصحيح أو وضع أيديهم على الاختيارات الصائبة.
وقعت بين يدي خلال تصفحي شبكة دراسة حيوية ومهمة في هذا المجال، أعدها الدكتور مايرز وأرجيل ونشرت في العام 2001 كان من أهم نتائجها أن الأشخاص السعداء قادرون أكثر من غيرهم على خلق أفكار جديدة، وأن الأشخاص الذين يشعرون بالحزن يميلون إلى كبح الأفكار، وبينت الدراسة أن السعادة تعني الشعور الإيجابي.
لكن الذي يلاحظ في عصرنا الحالي أنه عصر التوتر بامتياز، وهو عصر الحزن والغضب والضيق، وتبعاً لهذه الحالة نتجت جملة من الأمراض، منها النفسية مثل الاكتئاب، الوسواس القهري وغيرهما، ومنها أيضاً الأمراض العضوية، مثل الضغط، والسكري ونحوهما.
وحاجات الإنسان متنوعة، هم كثر من يعلم عن النظرية النفسية التي سميت باسم من وضعها، وهو العالم إبراهام ماسلو، وهرم الحاجات، حيث وزع حاجات الإنسان إلى خمس مراحل، تبدأ بالحاجة للتنفس والطعام والنوم ونحوها، ثم الحاجة للأمن والسلامة من العنف والاعتداء، ويشمل الأمن الوظيفي والمعنوي والنفسي والأمن الأسري والأمن الصحي والأمن من الجريمة، ثم ثالثاً الحاجة للعلاقات والعاطفة والأسرة والأصدقاء، ورابعاً الحاجة للتفكير، وفيها يسعى، لإيجاد المكانة الاجتماعية والاحترام، والأخير الحاجة لتقدير الذات، وخلالها يعمل على استخدام علومه ومهاراته لتحقيق الإنجازات.
طبعاً لم يتفق العلماء على هذه النظرية، ولكنها توضح لنا تدرج حاجات الإنسان التي تبدأ منذ ميلاده حتى وفاته، لكن بالفعل ما يلاحظ في كثير من المجتمعات، ومع الأسف البعض منها عربية، أن الإنسان بات مطحوناً وفي هرولة، لمحاولة تحقيق الحاجات الأساسية، مثل الصحة، والأمن، والتعليم، وآخرون يعملون على تحقيق حاجاتهم، لإيجاد الغذاء والسكن. وسط هذه الدوامة وتزاحم الحاجات لا أعلم كيف تنبع السعادة، وكيف يمكن أن يعيشها هذا الإنسان، ولعل في قارب التفاؤل منقذ ووسيلة مناسبة، لذا أنصح أن يكون التفاؤل والأمل وسيلتين نعبر بهما التحدي.