الكاتب الصحفي: توفيق أبو شومر - فلسطين - خاص بـ " وكالة أخبار المرأة "
لم أفاجأ بخبرٍ ورد في ثنايا الصحف الإسرائيلية، 17/6/2016 وهذا الخبر عن، رئيس جهاز الموساد السابق، تامير باردو، الذي أنهى خدماته في يناير 2016
تامير باردو، انضم في شهر يونيو من العام نفسه إلى (مجلس التوعية من مخاطر السلاح النووي الإيراني)
هذا المجلس أسس عام 2008 في أمريكا، بمبادرة من مارك والس، وريتشارد هولبروك، يهدف للتوعية من خطر السلاح النووي الإيراني!
ومن أعضاء هذا المجلس؛ السيناتور جو ليبرمان، ومنسق عمليات الشرق الأوسط السابق دينس روس، ووزير خارجية أسبانيا السابق، أنا دي بلاسيو، ومدير السي آي إيه السابق، ووزير الدفاع الأسترالي السابق، روبرت هل.
هؤلاء، لم يتحولوا إلى أعباء على الوطن، كما يحدث في أكثر الدول الضعيفة، بل غيروا أماكنهم ليؤدوا أدوارا أخرى لخدمة بلادهم!
الخبرُ السابق جاء بعد أن قرأتُ رسالةً رسمية من ديوان الموظفين العام موجهة إلى أحد الموظفين ممن بلغوا الستين، وعنوان الرسالة المحفوظة: (إنهاء خدمات موظف) وفي السطر الأول: الموظف،الموظفة، نبلغكم بإنهاء خدماتكم لبلوغكم سن الستين، بلا كلمة شكر واحدة، مع العلم أن كلمة إنهاء التي تشير في الغالب إلى أن الموظف ارتكب خطيئة، تختلف في معناها عن انتهاء.
هذه الرسالة المُذلَّة !! أثارتْ فيَّ موضوعَ مَن يتقاعدون، ويتركون مناصبهم مِن ذوي الخبرة والتجربة من الفلسطينيين، والعرب، فهؤلاء في الغالب الأعم يجري التخلُّصُ منهم وإبعادهم، بحجة بلوغهم سن التقاعد القانونية. في انتظار نهايتهم، وتسليمهم إلى برتوكولات التقاعد العربية، وأبشع هذه البرتوكولات، هي أن نتركهم لا يفكرون في شيء سوى انتظار قطار الموت، لأنهم أصبحوا عبئا منتهي الصلاحية، كالبضائع المعلبة!
بالطبع أنا لا أقترح أن يُعامَل هؤلاء المتقاعدون كما تتعامل أمريكا مع رؤسائها وكبار موظفيها، بأن تمنحهم هباتٍ، عند تركهم لمناصبهم تساعدهم على فتح مراكز دراسات وأبحاث خاصة بهم، وأنا لا أنتظر أيضا أن يستفيدوا منهم، كما يفعل الروس في التعليم والتدريب، ولا أتوقع أيضا من الفلسطينيين والعرب أن يُعيدوهم إلى مركز القرار من جديد، ويؤسسوا بهم شركات للتدريب كما في اليابان، ولكنني سأظل آملُ أن يستفيد الفلسطينيون والعرب مِن مجموع تجاربهم وخبراتهم الطويلة في مجالات عملهم كمستشارين عاملين، وليس كمستشارين صوريين، كما تفعل بعض الدول! فالتقاعد في كثيرٍ من الدول الضعيفة يعني التخلص منهم، وهذا لا يختلف عن جرائم الاغتيال مع سبق الإصرار والترصُّد!
فالدولُ التي ترغب في بناء المستقبل لا يمكنها أن تراهن على المستقبل، إلا بالاعتماد على مبدأيْنِ، عدم تكرار الأخطاء والعثرات السابقة، بالاستفادة من جيل الرواد والخبراء، ومِن ثَمَّ، بناء جيل جديد يأخذ بأحدث العلوم، والآداب، والثقافات.
لهذا فإن الدول المتقدمة، لا تفكر في حل مشكلة المتقاعدين ماليا فقط، بل تسعى أيضا لإدماجهم في مجالات العمل التي تناسب قدراتهم، بعد تقاعدهم، لأن كبارَ السن صاروا يشكلون طائفة كبيرة في المجتمعات، ففي اليابان نسبة كبار السن فيها تصل إلى 24% من مجموع السكان!