الكاتبة الصحفية: فاطمة المزروعي -الإمارات العربية المتحدة- خاص بـ "وكالة أخبار المرأة"
كثير منا يلاحظ في مجالس عدة أن الحديث الذي يدور باللغة الإنجليزية على الرغم من أن الذين يتحدثون مع بعض هم عرب، ولا يوجد بينهم من لا يتقن العربية.
مثل هذه الملاحظة تجعلني أتساءل عن سبب تجاهل لغتنا الأم الحية والثرية بالكلمات والمعاني، والتوجه للغة أخرى، لا أجد إلا أن هذه الممارسة نوع من الموضة، أو من «البرستيج».
وقد نلتمس الأعذار لبعض الأفراد، لكن أن تجد مؤسسات حكومية، تدور معاملاتها ومخاطباتها باللغة الإنجليزية، فهنا تكون المعضلة الكبيرة من جوانب عدة، من أهمها أن في مثل هذا تخطٍ تام لتوجيهات حكومية تشدد على استخدام اللغة العربية، وأن تكون اللغة الأم الأولى.
وفي نطاق القطاع الخاص، الوضع أكثر ضبابية حيث لا تزال الكثير من الجهات جميع معاملاتها وشؤونها، صغيرها وكبيرها، تتم بغير اللغة العربية، ومنها من تُصدر الفواتير باللغة الإنجليزية متجاهلة التعليمات في هذا الشأن.
لست ضد الإنجليزية ولا أي لغة أو ثقافة، بل مرحبة، ولكن نريد اعتزازاً بلغتنا تماماً كما نلمس اعتزاز الفرنسي بفرنسيته في باريس أو الإسباني بإسبانيته في مدريد، والروسي بروسيته في موسكو، والصيني بصينيته في بكين، والياباني بيابانيته في طوكيو، وغيرهم الكثير من القوميات التي لها لغاتها والتي تحافظ عليها وتمنحها الأولوية في جميع التعاملات.
العلماء يدركون أهمية هذا الجانب ولهم كلمات قوية، لعل منهم المستشرق الإيطالي الذي طُبعت محاضراته عن الآداب العربية كارلو نلينو، والذي قال «إن المثقفين العرب الذين لم يتقنوا لغتهم ليسوا ناقصي الثقافة فحسب، بل في رجولتهم نقص كبير ومهين أيضاً»، وعلى الرغم من قسوة هذه الكلمات، إلا أنها تنم عن خطورة التنكر للإرث والجذور، واللغة هي أول الدفاعات في هذا المجال، لتكن لغتنا العربية جزءاً من يومنا وتفكيرنا لأنها هويتنا