يقولون بعيد عن العين ،بعيد عن القلب ،ولكن هذا المثل لا ينطبق على الكثير من حالات الفراق ،والعكس هو صحيح ، فكلما طال الفراق ،إزداد الحب والشوق ،وفي أغنية للرائعة نجاة الصغيرة تقول فيها "القريب منك بعيد ،والبعيد عنك قريب ،كل ده وقلبي إلي حبك لسه بنسميك حبيب " مع هذه الكلمات والعبارات يتجلى الحب الحقيقي ويبقى الأحبة وذكرياتهم جزء من حياتنا ،على سبيل المثال يزورني طيف زوجي الغائب يحلق بأجوائي بكلماته العطرة مثل هديل الحمام يلقي التحية والسلام ،أشعر به دوما ،يطمئن عن بعد يتفقد أحوالي ،رغم إنقطاعه ،لم يراسلني منذ فترة ،ربما لظرف قاهر قسري أجبره على الغياب،جعله خارج الحدود مع أقمار النجوم ،قال ذات مره لي أنه سيعود مهما طال الغياب،إنتظريني!!
ما عاد يطرق الباب كما الأيام الخوالي ،هو هذا مشهد الغياب المتكرر ،مشهد الفراق ،مشهد يحدث في الحياة بين البشر ،نفارق الأحباب ،وتباعدنا الجغرافيا والمسافات ،لكن الأرواح تتلاقى وتحتضن القلوب بعضها البعض بالمشاعر والإحساس وإن طال الغياب ،فهذا هو حال الإنسان عبر الأزمان ،وهذا قدره ولادة وموت ،غياب ولقاء ،فلك دوار ،وهذا هو حال البشر من كافة الأجناس منذ أقدم العصور ومنذ بدأ تكوين الحياة على الأرض ،ولكن أكثر الغياب المر والصعب الذي يصنعه الإنسان بيديه ، لظنه أنه حان وقت الرحيل ،وأنه صاحب قرار مصيره ، ولا يعلم أن الأقدار هي التي تملك خارطة الطريق له ، والأقدار هي التي تجعل القريب بعيد والبعيد قريب ،وليس بالضرورة أن يكون البعيد عن العين بعيدا عن القلب ،ففي كافة الحالات وكما يقول الخبراء، بأن كل ممنوع مرغوب ،وكلما كان الغياب قسريا كان اللقاء أروع وكلما طال الفراق زاد الشوق والحنين للوطن والأهل والاحبة ولكل من عشقنا عبر السنين رغم أننا أبتعدنا عنهم لظروف أكبر منا جميعا .