الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

المرأة وحركات التنوير

  • 1/2
  • 2/2


د. زياد أبولبن - الأردن - " وكالة أخبار المرأة "

ورثنا من الماضي صورة مشوهة للمرأة، وصورة تهميش دورها في المجتمعات العربية، فلا يقل الحاضر عن الماضي تعقيدا، وطال التشويه والتهميش حقوقها التي دعا إليها الإسلام وكرمها فأحسن تكريمها، وانتقص التهميش من دورها القيادي في المجتمع، مما أوقعنا في زوايا التناقض الذي نعيشه نحن.
هل منّا من ينكر دور المرأة في المجتمعات الإسلامية؟ تلك المرأة التي أسهمت إسهاما حقيقيا في بناء مجتمع العدل والحق والكرامة، بوصفها امرأة تمتلك حقوقها المدنية غير منقوصة، ولنذكر المرأة الشاعرة والأديبة، والمتفقهة في علوم اللغة وعلوم الدين، والملكة والوزيرة، والسفيرة والمديرة، والطبيبة والمهندسة، والأستاذة .. إلخ، وهناك من الأسماء ما يملأ بطون الكتب.
هناك من يقف في باب التعصب والتزمت، فينصب خيامه، فيمنع المرأة من حقوقها، بل ينتقص من قدرها ومكانتها، ويشن حربا لا هوادة عليها، باعتبار أن بيتها هو صون لها وحرز، فلا تعمل أو تخرج إلى الأسواق أو تواصل تعليمها أو تبدي رأيها أو تشغل عقلها في الفكر وغير ذلك.
من هنا وقفت حركات التحرر والتنوير والعقلانية في وجه الظلاميين، وحمت المرأة من تغول هؤلاء على حقوقها وحريتها وكرامتها، وناهضت الأفكار الرجعية.
إن سنّة الحياة تدفعنا دفعا لأن تكون المرأة شريكا للرجل شئنا أم أبينا، وهذه الشراكة تقوم على المحبة والتعاون والإحسان، ولعل هذه الكلمات تحمل من المعاني التي ترفع من منزلة المرأة ومكانتها، لا أن يسعى هؤلاء إلى وأد المرأة بصور جديدة في عصرنا الحاضر، فيرتد بهم البصر إلى جاهلية أولى.
مقالي هذا من وحي قلم أستاذي الدكتور جابر عصفور في كتابه «دفاعا عن المرأة» 2007،  ولاقتبس منه ما يمكن أن أشاركه الرأي بالقول: «متزمتون في كل زمان ومكان، وظيفتهم التضييق على الناس والحجر عليهم فيما أباحه الله لهم. وكل شيء عند هؤلاء المتزمتين حرام وضلالة وإثم ومعصية: البسمة غير مسموح بها، والضحكة قلة قيمة، والهزل الذي تستجم به النفس حتى تقوى على الباطل معصية تستوجب التعنيف والتقبيح، وغذا خرج كاتب عن موضوعه على سبيل الاستطراد الذي يدفع الملل فقد أثم إثما كبيرا، خصوصا إذا خلط الجد بالهزل، أو تنقل بينهما، كأن الحياة جد خالص ووجه عبوس ممتد. وتراثنا العربي الإسلامي مليء بأمثال هؤلاء المتزمتين الذين يفسدون على الناس حياتهم، ولا يزالون إلى اليوم يمارسون ترويع الناس بتعاليمهم التي لا علاقة لها بسماحة الدين بأي حال من الأحوال».
يبقى القول: إن مواجهة قوى الظلام والتخلف تحتاج إلى منظومة ثقافية قادرة على التغيير في المجتمعات، وإلى الاهتمام بالشباب الأكثر انجرارا إلى زوايا المتزمتين والمتعصبين والتكفيريين، كما تحتاج إلى منظومة اجتماعية قادرة على تغيير عادات ترسخت في أذهان الكثيرين من الناس، وهي عادات لا تمت للدين أو القيم بشيء، وإنما هي عادات بالية ورثناها عن آبائنا وأجدادنا، والتزمنا بها وكأنها جزء من الدين نفسه، فلا تسمع من هذا أو ذاك إلا قوله: هذا حرام وهذا حلال!
آن لنا أن نحرك هذا الساكن، وآن لنا أن ننصف المرأة في حقها، فبرغم ما ندعيه من حقوق وعداله، هناك ما يمارس على أرض الواقع ما يناقض هذا الإدعاء، وننتصر لذكورية الرجل، ويظهر بيننا ألف (سي السيد)!

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى