من أهم العوائق التي تمنع التميز والإبداع الوظيفي، بل وتحد وتحبط الموظف، الانتقائية وعدم الالتفات إلى جوهر أدائه، بقدر الاهتمام بشكليات لا تمت للعمل بصلة، كموظف يجيد المديح وسرد الكلام العذب الجميل أو ثلة من الموظفين تجيد نقل الأخبار لرئيس العمل، عادة هذا النوع من الرؤساء لا يتمتعون بالثقة، فيكون الضحية هو الموظف المبدع النشط المنتج، وتذهب التقديرات العالية لتصب لزملائه الذي يشاهدهم يومياً، بعيدين تماماً عن أجواء العمل، بل يجهلونه، بل لا يتوقف الأمر عند التقديرات العالية، إنما يصل إلى التكليف بإدارة أو الإشراف على أقسام أو وحدات من العمل.
وبطبيعة الحال، فإن هذا يبعث على إحباط الموظف النشط المبدع المتميز، ويجعله يبحث عن مخرج ومهرب إما بمحاولة النقل أو تجده قد قرر التكيف مع بيئة عمل فاسدة بعدم الإنتاج وأن يكون سلبياً، فتكون النتيجة هبوطاً في الأداء، ومن ثم الإنتاجية، ثم فشل المنشأة في تحقيق أهدافها، فيتم التخلص من المدير، وهذه هي النتيجة الحتمية التي تعلمناها من كتب العلوم الإدارية، فالسطحية وعدم العدالة والظلم، والزج بالشؤون الشخصية في روح العمل، عوامل تهبط بالإنتاج وتقلل النجاح، بل تصل إلى التسبب بما يسمى الشلل الإداري.
غني عن القول إن أولى خطوات النجاح للمدير هي العدالة مع الموظفين، وأن يشعروا بأنهم جميعاً سواسية أمامك، وأن المعيار الوحيد لديك للأفضلية هو الإنتاجية والابتكار والحماسة ومصلحة المنشأة، والوسيلة لتحقيق هذه المعادلة هي التقويم المستمر للموظفين وبشكل دوري، سواء كل عام أو كل ستة أشهر، المهم أن هذا الرئيس يعلم أن هذا التقويم عملية مستمرة تتطلب المتابعة والاهتمام.
مع الأسف في كثير من أرجاء الوطن العربي يفتقر الجهاز العام لجانب العدالة والفهم الحقيقي لوظيفة الجهاز الإداري ورسالته، وبالتالي عدم الزج بشؤون ومهام وأعمال المدير أو حتى المديرين في روح العمل وعدم المزج بينهما، أدرك كان لدينا جهاز أكثر تحرراً من مثل هذه السلبيات إلا أن العقليات الإنسانية التي تشربت مثل هذا المفهوم ووجدت فيه فائدة لها قد توجد هنا وهناك، ويكون لها أثر بالغ، تنمية حس العدالة وأن الجميع لا يوجد لهم معيار إلا الإنتاجية والتميز هي اللغة التي يجب أن تسود في الوسط الوظيفي لأي منشأة تنشد النجاح، وتريد الوصول إلى تحقيق معدلات من الأداء مرتفعة، كلما زادت لغة العمل ومهنيته في الوسط الوظيفي تزايدت معدلات النجاح، هذه ببساطة معادلة التفوق والتميز.