ألا يبدو لك هذا العنوان مألوفا ومتداولا بكثرة ولكن بنسخته النسائية الشهيرة: "صاحبة أجمل مؤخرة في العالم!" ... فشهرة النجمة كيم كاردشيان في خطر اليوم فالصحافة العالمية مهتمة بمعرفة حقيقة ما يشاع عن فقدان النجمة لمقوّمات مؤخرتها المصنّفة كواحدة من أجمل مؤخرات النساء حول العالم! فالبعض قال ان كيم تلاعبت بصورها المنشورة مؤخرا على حسابها الشخصي على موقع تويترعبر تقنيات الفوتوشوب لتبدو بقوامها الرشيق الذي اشتهرت به والذي فقدته بعد ولادة ابنتها قبل اشهر! اذا فالجدل حول المؤخرة يكبر! والشكوك حول تراجع جمال المؤخرة يزداد ايضا! بينما تتحدث الوسائل الاعلامية عن ظهور عارضة ازياء جديدة تنافس كاردشيان على لقب اجمل مؤخرة في العالم!
ولكن مهلا هل تشعر كعربيّ بالغبن لأن الغرب وحده يملك اهتماما شعبيا "تافها" وصراعات اعلامية "أتفه" حول مؤخرات نجماته؟! لا تقلق فنحن العرب ايضا لدينا الهوس بالكتابة عن مؤخرة ميريام فارس ومؤخرة سيرين عبد النور وسواهن من النجمات لنشغل به بالنا "الفارغ" اصلا بهكذا اخبار ! اما الخبر السار عربيا فهو انه لم يعد مهّما مناقشة اسرار جمال هذه المؤخرات سواء انّ هؤلاء النجمات حصلن على مؤخرة جميلة من الله ام انهن خضعن لعمليات تجميل بين حقن دهون وشدّ جلد في الخلف! فالاهم انهن يملكن مؤخرات تشغل اهتمام الناس والصحافة واهتمام هذا المقال ايضا يعني "هاتوا من الاخير"!
في العادة فانّ جسد المرأة في الشعر والرواية والرسم والاعلام وحتى الديانات السماوية هو رمز مادي ملموس للجمال والطبيعة والجنس والاغواء لكنه عند العرب رمز لشرف عائلة بأكملها ومعيار لتحررّ مجتمع بأسره بينما هو في الحقيقة مفترض ان يكون مجرّد كيان خاص وحميم للمرأة حصرا ويخصّها وحدها وتستخدمه كما تشاء وتتحمل هي مسؤولية هذا الاستخدام! لكنه تحوّل عوضا عن ذلك الى مصدر "الهام" لمجموعة افكار اعلانية تسويقية تجلب للشركات الربح المادي وتحول الى ورقة تكتب فيها العائلة والقبيلة والمجتمع "صكوك الشرف" وزيجات المصالح وصفقات زواج القاصرات وتحوّل ايضا الى مصدر قلق نفسي لدى المرأة نفسها للحفاظ عليه بصورة يرضى عنها المجتمع ويفرضها عليها الاعلام لا كما يعجبها هي!
اذا" لقد وضعتنا تلك الابواق الاعلامية ومعها "ألسنة" المجتمع في زاوية ندور فيها ليل نهار ليصبح لدينا مؤخرة مثيرة "نتفوق" بها على باقي النساء شكلا! ثم نصبح مهووسات يوميا بشكل مؤخرتنا وحجمها وقدرتها على جذب انتباه زوج واثارة رغبته فينا! اذا الكل مشغول بمؤخراتنا نحن النساء ومشغول ايضا بمناقشة حقوقنا ولان حقوق المرأة لا تنفصل مكتساباتها عن حقوق الرجل لان كلاهما مجرّد انسان يعيش في مجتمع وعائلة ووطن واحد كان يجب علينا ان نثور على "شغف" هذا المجتمع المريض وذلك الاعلام المهووس بمؤخراتنا وتحديدهم لمدى ارضائها لرغابات رجل بأنن نوّزع نحن ايضا لقب افضل عضو ذكري على الرجال من المشاهير وغير المشاهير منهم!
فطالما ان الصور التي يتم تسويقها من حولنا تحصر رغبات الرجل فينا بتمتعنا بصدور منتفخة للأمام وخصر صغير لا يتسع الا لوجبة فطور دون الغداء والعشاء كي نبقى بمقاس خصر عارضات الازياء ومؤخرة منتفخة للوراء ومنتصبة لفوق فعلينا نحن ايضا ان نعرف ايّ زوج يملك اجمل عضو ذكري لنتمتع به!
فاذا تمعنت بقراءة تاريخ تطور فن النحت ستجد ان النحاتين في العصور الوسطى على سبيل المثال اهتموا كثيرا بتجسيد العضو الذكري في مجسماتهم اكثر مما اهتموا بتجسيد مهبل المرأة وانهم نحتوا شكل عضلات الرجل بنفس الدرجة التي اهتموا بها بنحت جسد المرأة المملتئ المثير للشهوة! فلماذا اذا تريدنا مواقع التواصل الاجتماعية والاعلام التقليدي في القرن الواحد والعشرين ان نشغل بالنا بمؤخراتنا كمعيار لجمال نسائنا بينما لا يبحثون عن العضو الذكري ذي الطول المثالي والعرض المثالي والانتصاب المثالي !
في ثقافتنا يقال عامل الآخر كما تتمنى ان يعاملك ولكن القول الاكثر واقعية هو ان نعامل الآخر كما يعاملنا حين تكون معاملته مليئة بالاساءة والصور النمطية المجحفة والقوالب القاهرة لكرامتنا! سيشعر الرجل الذي نتحدث عن شكل عضوه الذكري ومدى قدرته على اثارة رغبات المرأة بالاهانة لعنفوانه وكيانه وقوته الذكورية ولكن شعوره هذا جيدّ ولا بأس به بنظرنا فربما سيستحي قليلا من وضعنا في قوالب تصنيفات المؤخرات المهمة والاقل اهمية وربما ذات اللاهمية حينها!