تصدمك عدة تعليقات تسمعها في الأماكن العامة أو حتى في منزلك، حيث تصل على لسان طفلك الذي سمعها من أقرانه في المدرسة تعليقات وكلمات خادشة ومؤذية فيها الكثير من الاستهزاء والنظرة الدونية، والأمثلة عديدة ومتنوعة لهذا الكم من الكلمات الهابطة معنوياً وأخلاقياً، اسأل عن منبعها وسبب انتشارها، ثم لفح الأوجه بها.
شخص تراه هادئاً غير مؤذ محترماً يوصف بأنه أبله، امرأة تكرس وقتها لعملها ولأطفالها وتتجنب جلسات الغيبة والنميمة، فيقال عنها «خبلة»، شاب مثال للاحترام والخلق الرفيع، فيقول عنه أقرانه إنه موسوس، فتاة نقية نظيفة القلب والمظهر توصف من زميلاتها بأنها «مظهرجية».
كم هائل من التصنيفات المؤذية التي نسمعها تلقى على مسامعنا دون هوادة، حتى في بيئة العمل من يعمل بجد واهتمام يوصف بالمكينة، والذي يرضى من التجار بربح معقول لتجارته يقال عنه ساذج، بل حتى الزبائن يقولون «ضحكنا على الغبي» نحن فعلاً أمام ثقافة يجب أن تصحح، حيث بات الأنقياء حطباً لها، بسبب نار تلفحهم تقول لهم كونوا في لؤم ومكر وخداع، حتى يتم احترامكم.
أتذكر في إحدى الجلسات العامة أن امرأة كانت تحكي عن زوجها وأنها تعاني من بلاهته، وسئلت لماذا؟ فقالت: إنه يفوت كثيراً من الأمور المهمة، وسئلت ما هذه الأمور المهمة فقالت: مثل نسيانه سقي الزرع، أو تسليم مرتب السائق قبل نهاية الشهر، أو عند التسوق يأتي وقد نسي أحد الأغراض ونحوها من الأمور الاعتيادية التي قد تحدث من المرأة أو الرجل، وتحدث في كل وقت، لكن هذه السيدة اختارت أن تسمي هذه الحالة بلاهة، ورضيت أن تصف أقرب الناس إليها بهذا الوصف، لأنه ينسى تسليم الأجير أجره قبل أن يجف عرقه، ولأنه ينسى مثلنا جميعاً القيام بعمل يمكن تأجيله ساعة أو ساعتين.
هل أدركتم فداحة الذي نقوله ونصف به أقرب الناس لنا وفي غفلة منهم، فهم واثقون بأننا ننظر لهم نظرة إيجابية ونظرة احترام وتقدير، وفي الحقيقة نحن من خلفهم نصفهم بكلمات مؤذية مجردة من الاحترام والتقدير.
قس على هذا حتى الأطفال، تحكي لي صديقة خليجية أنها فوجئت أن ابنها يصف أباه بالشاكوش، أعتقد أنها تقصد المطرقة، هل وصل الحال إلى درجة أن الأطفال يصنفون من يسهرون على حمايتهم وتربيتهم؟! أليس في هذا قمة الجحود؟ إنه لشيء مؤلم أن تستيقظ على وصف مبتذل يطلقه أبناؤك عليك، ألستم معي؟