تشهد الكويت هذا العام حدثاً جندرياً خاصاً وغير اعتيادي بالنسبة للمؤسسة الحكومية التعليمية العليا الوحيدة فيها وهي جامعة الكويت، بعد إصدار قرار بمساواة النسبة المطلوبة (الدرجات أو العلامات) في قبول الطالبات الإناث بالطلاب الذكور، وهو ما لم يكن معمولاً به في السنوات الدراسية الماضية.
وكانت جامعة الكويت قد أعلنت في بيان لها أنّها قبلت للعام الدراسي الجديد 6669 طالباً وطالبة موزعين على مختلف كلياتها. وبلغ عدد الطالبات من بينهم ضعفي عدد الطلاب تماماً.
عن ذلك، يقول عميد القبول والتسجيل في جامعة الكويت الدكتور عادل حسين مال الله: "القبول هذا العام جرى بناءً على نسبة المعدل المكافئ، وهي جمع نسبة الثانوية مع اختبار القدرات، من دون النظر في التمييز بين الجنسين أو التمييز بين الكويتيين وأبناء الكويتيات". يضيف: "من شأن هذا القرار أن يرسخ العدالة والمساواة بين الجنسين والتي نص عليها الدستور الكويتي، وتراعي حرمتها جامعة الكويت ممثلة بعمادة القبول والتسجيل".
وفقاً لإحصائيات الجامعة، فقد جرى قبول 32 طالبة في هندسة البترول مقابل 6 طلاب. وفي هندسة الكيمياء 81 طالبة مقابل 9 طلاب. وفي الهندسة المدنية 104 طالبات مقابل 16 طالباً. وفي كلية الطب 85 طالبة مقابل 21 طالباً. لكنّ الصدمة الكبرى كانت في كلية طب الأسنان حيث جرى قبول 24 طالبة من دون قبول أيّ طالب ذكر.
تقول الطالبة في كلية العلوم صفية الكندري: "سياسة القبول الجديدة ترسّخ العدالة بين الجنسين وتلغي الفوارق بينهم بعد سنين طويلة عانت فيها الطالبات من الظلم في القبول بدعوى مراعاة حاجة سوق العمل". تضيف: "الطلاب الذكور يتمتعون بفرص دراسية أخرى لا تحصل عليها الطالبات مثل إمكانية الابتعاث إلى الخارج أو الانتساب إلى المدارس العسكرية وقطاع النفط. والمتحدثون عن كثرة أعداد الطالبات مقارنة بالطلاب الذكور في جامعة الكويت يتجاهلون كثرة أعداد الذكور المبتعثين على حساب الدولة في الخارج".
من جهتها، تقول المحامية والناشطة في قضايا المرأة منى القناعي إنّ هذا القرار الدستوري هو تقدم جديد وكبير في سبيل المساواة التامة بين الرجل والمرأة في الحقوق السياسية والاجتماعية والتعليمية. تستدرك: "لكن ما زال هناك الكثير من العوائق أمام الطالبات في الجامعة منها عدم وجود العلاوة الزوجية للطالبات بالإضافة إلى قلة أعداد الفصول الدراسية لهن مقارنة بالشبان، واكتظاظ الشعب الدراسية، ويمتد التمييز إلى مرحلة ما بعد التخرج حيث تُحرم المرأة من عدة وظائف قيادية أبرزها وظيفة وكيل النيابة، وهو تمييز واضح وانتهاك دستوري صارخ".
بدورها، تقول الناشطة في حقوق المرأة شيخة العلي إنّ القرار ما زال غير كافٍ في سبيل إنهاء التمييز ضد المرأة في المؤسسة التعليمية بشكل خاص: "الطالبات ما زلن يتعرضن للتمييز في المكافآت الطلابية في التخصصات النادرة، بالإضافة إلى التمييز الأكبر في منع الاختلاط. لكن، بشكل عام فإنّ الطالبات أثبتن تقدمهن على الطلاب الذكور في مختلف الاختصاصات".
كذلك، تقول أستاذة العلوم السياسية في جامعة الكويت الدكتورة هيلة المكيمي: "أعتقد أنّ القدرات الإنسانية لا تتعلق بالجنس، بل بالبيئة والإمكانيات، فالإنسان إنسان ذكراً كان أم أنثى، وإيقاع العقوبة على النساء لأنّهن يحرزن معدلات أعلى غير جائز، بل علينا أن نبحث لماذا الإناث يحصلن على درجات أعلى من الذكور".
يرى مراقبون أنّ الكويت في غضون أعوام قليلة ستتحول إلى دولة نسائية بالكامل، فعدد الإناث يزداد بشدة مقابل تناقص أعداد الذكور مما يجعل زحف المرأة على المناصب السياسية والاجتماعية أمراً مؤكداً وقريباً.
وعن ذلك، يقول عميد كلية العلوم الاجتماعية الدكتور عبد الرضا أسيري في معرض رفضه القرار الأخير: "نسبة النساء أكثر من الرجال في الكويت، كذلك نسبتهن في الناخبين أكثر وفي الجامعات أيضاً. فلو لم يوضع شرط التمييز في نسبة القبول أساساً لتحولت جامعة الكويت الى جامعة بنات. باعتقادي، هذا ليس تمييزاً بل حماية لحق الطالب، وليس معنى ذلك أنّ هناك أفضلية للطلاب الذكور. لكن، نعيد الأمر إلى المفهوم السياسي بحق الأغلبية والأقلية، فحق الأغلبية موجود كما حق الأقلية موجود، والأقلية هم الطلاب الذكور. عندما وضع هذا القيد كان حماية للأقلية من الذكور من التعسف".
في المقابل، يؤكد مصدر في عمادة القبول والتسجيل في جامعة الكويت أنّ التجربة في طريقها إلى النجاح، وأنّ الجامعة تنسق مع الوزارات لاستعياب حاجات سوق العمل وتوجيه الطلاب إناثاً وذكوراً نحو التخصصات النادرة واستيفاء احتياجاتها. يضيف أنّ القرار الأخير بالمساواة في نسب القبول لم يكن قراراً ارتجالياً، بل بعد دراسة مستوفية من قبل مجلس أمناء الجامعة.