بينما يستعد العديد من السياسيين السوريين المعارضين منهم والموالين للنظام للتوجه إلى جنيف للمشاركة في مؤتمر السلام، استبقت نساء سوريات من داخل وخارج سوريا الحدث واجتمعن مع الإبراهيمي بجنيف في محاولة لإيصال مطالبهن.
تلك المجموعة من النساء اللواتي ينتمين لمختلف التوجهات السياسية، قدمن وثيقة "مبادرة النساء السوريات من أجل السلام". وتضمنت الوثيقة المقدمة مجموعة من المطالب على الرغم من معرفتهن المسبقة باستحالة تقديمها بأنفسهن خلال المؤتمر. وتؤكد جمانة سيف، ممثلة شبكة المرأة في المؤتمر، أن كل ما حصلن عليه من لقاءات متعددة مع الإبراهيمي منذ بداية التحضير لجنيف 2 في دمشق وغيرها من عواصم العالم، هو تأكيده "عدم إمكانية حضور النساء كطرف ثالث في المفاوضات". وتقول سيف إن "الإبراهيمي أكد مراراً على أن التفاوض سيقتصر على وفدين: وفد يمثل المعارضة ووفد يمثل النظام ولا إمكانية لوجود وفد ثالث ولو بصفة مراقب".
ولم يكن مقاطعة هيئة التنسيق الوطنية للتغيير الديمقراطي لجنيف 2 بسبب عدم دعوتها رسمياً كمؤسسة والاكتفاء بتكليف الجربا رئيس الائتلاف بتشكيل وفد المعارضة، حاجزا أمام أمل نصر، مسؤولة مكتب المرأة في الهيئة، لحضور اللقاء مع الإبراهيمي، مؤكدة أن الهدف من ذلك اللقاء تشجيع انخراط المرأة السورية في العملية السياسية.
الضغط على الأطراف المتفاوضة
وعلى الرغم من تعذر مشاركتهن، إلا أن "للنساء مساهمة تاريخية لن تتنازل عنها وستسعى لتشكيل جماعة ضغط على الأطراف المتفاوضة من خلال الوثيقة المقدمة للإبراهيمي والأمم المتحدة لتكون ضمن أوراق مؤتمر جنيف 2"، تقول نصر التي تؤكد أن " النساء تمكن من ضمان تواجد 47 امرأة منهن 19 من داخل سوريا ضمن قاعات وأروقة المؤتمر، لتكون كلجنة متابعة بين السياسيين والإعلاميين بشكل عام والمنظمات وممثلي الدول المتواجدين هناك".
من جهتها، تقول لمى قنوت، من تجمع سوريات من أجل الديمقراطية "إنه تم تقديم طلب للإبراهيمي بتوفير مكتب في المكان الذي ستعقد فيه المفاوضات لتنظيم فعاليات ضغط ومناصرة بشكل متزامن مع مؤتمر جنيف2 لتطبيق التعهدات الدولية ووثيقة مبادرة النساء". لكن الإبراهيمي اعتذر بسبب الإجراءات الأمنية المشددة في الفندق بمونرو. لذلك "قدمت لنا حكومة هولندا غرفة في سفارتها بجنيف لمتابعة عملنا" تقول قنوت.
وركز لقاء السوريات مع منظمة الأمم المتحدة للمرأة والمبعوث الدولي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي على دعم إشراك المرأة السورية في عملية السلام والمفاوضات. بالإضافة إلى إشراك المرأة أيضاً في المرحلة الانتقالية بإدماجها في مواقع صنع القرار ولجان صياغة الدستور، باعتبارها أهم المواقع لحفظ حقوق ومشاركة المرأة بشكل متساوٍ مع الرجل في بناء دولة المواطنة والقانون والديمقراطية وحفظ أمن وسلام المرأة ومشاركتها استناداً إلى قرار جنيف 1.
نساء الداخل ومؤتمر جنيف 2
ملتقى سوريات من أجل السلام، الذي قاطع مؤتمر النساء مع الإبراهيمي وترك حرية المشاركة لعضوات الملتقى كمستقلات وليس كممثلات عن الملتقى، نشر يوم أمس نتائج 7 آلاف استمارة كانت قد وزعت على نساء في عدة مدن سورية لمعرفة التحديات التي تواجه النساء السوريات وانتظاراتهن من مؤتمر جنيف 2.
وأظهرت نتائج ذلك الاستبيان أن النساء السوريات يرغبن في دولة حرة وديمقراطية، وتطبيق قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بحماية النساء. وتقول أمل نصر في هذا السياق "كنساء نرى أننا قادرات على بناء السلام وصناعته، وأن الحل السياسي هو الحل السوري واعتماد جنيف 1 كمرجعية لوقف نزيف الدم السوري وفك الحصار والإفراج عن المعتقلين والمخطوفين، وإخراج المقاتلين غير السوريين ضمن صفوف كل الأطراف إلى خارج سوريا، لتكون المفاوضات بادرة سورية حرة بعيدة عن أجندات الدول الإقليمية والداعمة للعنف داخل سوريا".
خلو المبادرة من مطالب بإسقاط النظام
وشارك بعض السوريين من خلال صفحات الفيسبوك بآرائهم وانتقاداتهم بخصوص هذه المبادرة. وتركزت انتقادات السوريين على عدم احتواء وثيقة المبادرة مطالب بإسقاط النظام بشكل واضح وصريح. وفي ردها على هذه الانتقادات، تساءلت لمى قنوت "وماذا عن إنهاء الاستبداد بكل أشكاله، دولة ديمقراطية مدنية تعددية، تداول سلمي للسلطة؟ وتابعت "نحن نريد تغيير جذري حقيقي وليس فقط إسقاط النظام، نريد نظام قائم على العدالة والحق والحرية والكرامة".
ومن بين الانتقادات التي وجهت لـ "سوريات جنيف" تناسيهن المطالبة بإطلاق سراح الناشطتين رزان زيتونة وسميرة خليل المختطفتين منذ 11 كانون الأول/ ديسمبر. وفي ردها على هذه الانتقادات، تقول قنوط "أعلمنا السيد الإبراهيمي أنه حتى الآن لا أحد يعلم من قام باختطافهما. وطالبنا أيضاً بإطلاق سراح المعتقلات والمعتقلين. وركزنا على اسم الصديقة أليس مفرج التي جرى اعتقالها في بناء الهجرة والجوازات، وهي تعد أوراقها لحضور هذا المؤتمر".
ويذكر أن فكرة المشاركة كطرف ثالث في مؤتمر جنيف رغم العلم المسبق بعدم تطبيقها، لم تنل إعجاب بعض الناشطات السوريات، كما هو الشأن بالنسبة للناشطة جمانة سيف. وتقول سيف "نحن في شبكة المرأة السورية نعتبر أنفسنا أحد تعبيرات الثورة السورية ومتبنيات لأهدافها. وكان موقفنا واضحاً من جنيف 2 منذ يونيو/ حزيران الماضي". وتضيف سيف "القرار كان بالمشاركة ضمن وفد المعارضة وعدم المشاركة في أي وفد كطرف ثالث يعتبر نفسه محايداً"
وحتى اللحظة لا تزال شبكة المرأة السورية تنظر جواباً من الائتلاف الوطني الذي أكد مشاركته في مؤتمر جنيف 2 والذي سيعقد في 22 كانون الثاني/ يناير في مدينة جنيف السويسرية.