هي كلمة ذات دلالة خطيرة ومعروفة في لهجة بلادنا العربية الأصيلة. الهاجس أحبتي يأتي بمعنى القلق بشأن المستقبل والخوف والتوجس من بذل الجهد والمال بغير فائدة. فالذي يتوجس هو الشخص المتردد وربما يكون هو ذاته المنبت الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم :-(إن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهراً أبقى )فهو إنسان يبدأ مشروعا يقتنع بجدواه وخلال مسيره في منتصف الطريق يقلق بشأنه ويخشى عدم وصوله للهدف المنشود منه فيقفل راجعا إلى الوراء ليبدأ مشروعا غيره وهكذا؟؟!!!!
وهكذا تضيع طاقاته ومقدراته الفكرية والمادية وتتبدد قواه وتهدر موارده بغير فائدة تذكر ودون أن تكون له بصمة واضحة مؤثرة في نهاية المطاف. بل يبقى إنسانا عادياً لا يذكر بأثر تركه في الحياة. وكل هذا بسبب الهاجس ؛سئل حكيم :-ما هو أكثر شيء مدهش في البشر؟
فأجاب :-البشر يملون الطفولة ثم يسارعون ليكبروا ثم يتمنون أن يعودوا أطفالا ثانية ،يضيعون صحتهم ليجمعوا المال، ثم يصرفون المال ليستعيدوا صحتهم ،يفكرون في المستقبل بقلق وينسون الحاضر! !فلا يعيشون الحاضر ولا المستقبل!!؟
وهذا في الحقيقة أحبتي مرض اجتماعي خطير علاجه لدينا نحن المسلمين في قوله تعالى (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين )وفي قوله سبحانه (فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب )وفي قوله صلى الله عليه وسلم للسيدة خديجة رضي الله عنها وأرضاها عندما نزل قوله تعالى (يا أيها المدثر قم فأنذر. ..)ولى زمن النوم يا خديجة. فالإنسان المسلم حياته عطاء وداب وعمل دون كلل أو ملل هو إنسان لا هواجس لديه بل أهداف مرسومة بدقة وكلها لنفع الإنسان والإنسانية في الدنيا والآخرة والنتيجة الحتمية لأعماله وغاية نهاية آماله في قوله صلى الله عليه وسلم لابنته فاطمة رضي الله عنها وأرضاها في لحظات حياته الدنيا الأخيرة ردا على قولها واكرب أبتاه (لا كرب على أبيك بعد اليوم يا فاطمة ).فيا أيها المكرم دع عنك القلق والهواجس وانطلق في حياتك بثقة مطلقة وإياك أن تغادر الدنيا دون أن تضع فيها بصمتك. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .