كم يحتاج الإنسان إلى السكينة وإلى الهدوء بحياته ،فكثيرون صامتون لكن في داخلهم بحر هائج من الضغوطات المتراكمة التي لا يمكن التعبير عنها في واقع حياته سوى بالصمت أو عدم التوافق مع من حوله من الأشخاص المحيطين به بدا من الاسرة ثم مواقع العمل ثم البيئة المحيطة أو بعض الأشخاص الذين يكرهون نجاحه وتميزه ،وهو يكظم غيظه منهم بالصمت وقد يجاملهم بحكم بعض الظروف التي تفرض عليه سواء بالبيت او مكان العمل ،ولا يوجد ممن حوله أحد يدرك معاناته وسبب صمته ،يحاول المصالحة فيما بين نفسه وبين من حوله يحاول أن يسير معهم بأقوالهم وبعض أفعالهم التي تخرج عن الأطر العادية في بعض التعاملات الإنسانية لا سيما إذا كانوا مفروضون عليه بحكم القدر الذي يسلم به أو بحكم الوظيفة التي يعمل بها ويعاش وأسرته عليها .
بعض الناس يردون على صمته وعدم رضاه مما يحيط به بقول أرعن أو مقولة يرددها البعض "أربط الحمار مكان ما يطلب صاحبه"وإذا أعترض كان منبوذا بينهم أو قد يسمونه شاذا أو خارج عن العامة ،وفي الواقع هو يعمل لصالح العامة قبل مصلحته ينتزع حقوقه انتزاع لأنها لا تأت استحقاق لجهوده التي يتجاهلها بعض من هم أعلى منه منصبا بالعمل أو رب أسرة في المنزل .
وهو في الغالب يمارس الضغوط على نفسه كي يعيش لإنه إذا صرخ وقال لا فلن يجد لصوته إذنا صاغية ممن حوله ،ولن يجد من يدرك دوره المهم في موقعه أو قد يتجاهلوا ما يقوم به لذرائع واهية ليس لها جذور ولا أصل في الواقع .
معظم الناس يصمتون ومعظمهم لا يعبرون وقلما نجد من يكتب ما يختلج نفسه من أفكار وهواجس حول واقعه كي لا يسمى متمردا أو معارضا لرأي ما يأت ممن هم يتولون مسؤولية موقع ما بحكم الظروف وأحيانا الوساطة والمحسوبية.
يبقى هذا الإنسان يصلح ويصمت ويكابر ويجامل ويقول في نفسه الصمت أصدق سلوكا من القول فالصمت يحكي قصص المعاناة والألم غير المرئي في نفسه أو في داخله يواصل المسير ويمضى بحياته بحكم ضغوط العمل ومتطلبات الحياة وضعف الإمكانيات المادية أولا والمعنوية ثانيا لإن المثل يقول معك قرش تسوى قرش وفي النهاية هو يؤدي دوره في الحياة التي تسير برتابة وقد محسوم وفي النهاية قد يصاب بجلطة دماغية أو توقف لنبضه بسكون وهو صامت مما يعيشه ويعانيه دون أن يعزز أو يشار إليه أو يلمس اهتمام الآخرين به لا سيما المقربون قد يطلق على وضعه أسم إرهاب نفسي ولكن لا حياة لمن تنادي فالحياة تسير والأمور متوقفة لحين ميسرة وحين يأت التغيير وقد يكون التغيير للأفضل أو للأسوأ لإن المزاجية تلعب دورها والحياة جسر عبور إلى ما بعدها بكل خيرها وشرها فإما جنة الخلود أو سعير جهنم كل حسب عمله.
ويبقى أن أختم بالقول لأستاذي القدير الذي لا أنساه سليمان ساري :
قاتل الجسم مأخوذ بفعلته وقاتل النفس لا تدري به البشر .