سوسن السوداني ، . شاعرة عراقية من مواليد 1974 مقيمة في استراليا، شعرها يمتلك إحساسا عاليا ، وهذا شعر نادر جدا . لكن هي مشاكسة ، تنتقد بجرأة ولا تجامل . لا مستقبل لها في العراق . هي تقول(يجب أن تكون الشاعرة دبلوماسية لها علاقات . المقرف حقاً أنني أرى صبيان العملاء وليس العملاء يعتبرون أنفسهم أكثر أهمية ، و موهبة ، و شعرية مني) وتضيف( . هذا غير صحيح . ومن المؤسف أن عدم التشجيع والمساندة قد يؤدي بالشاعرة إلى نسيان موضوع الشعر والمتابعة الثقافية نهائيا . أنا نفسي تركت موضوع الكتابة والثقافة ، عشر سنوات ، للأسباب ذاتها . ولم أرجع للكتابة إلا مرغما . أصبحت القضية فيما بعد قضية مرضية . والعلاج هو أن تكون نفسك ، أي أن تكون كاتبا وإلا تموت . عدتُ للكتابة لأسباب طبية ، و صحية فيما بعد ، وهذا ما لا نريده أن يحدث للشاعرة سوسن . لأن قمع الكاتب لموهبته ، بسبب إحباط اجتماعي أو طائفي أو سياسي ، يؤدي في النهاية إلى حالة مرضية خطيرة .
سوسن السوداني شاعرة متمكنة من لغتها ، متمردة حتى على ذاتها . وبعكس الكثيرين ممن يكتبون قصيدة النثر، نجدها تكتب بلغة متماسكة واستعارات جميلة ، وتستخرج الموروثات الثقافية والدينية الشرقية والغربية ، وتوظفها بشكل موفق يخدم النص ،ويسهل وصوله إلى المتلقي بطريقة فنية .وهذا يؤدي الغرض الأول من الكتابة الأدبية .ولكن المحزن أن سوسن لا تعرف بأنها شاعرة كبيرة ( تجهل ذلك تماماً ) ، وتستمر بالطعن بالسكين ، و النشب بالأظافر ، والسب ، والعض ، والركل بكل ما حولها ، ومَن حولها . كأسيرة ضارية من جبال بعيدة . هي تجهل بأنها شاعرة أصيلة ، وهذه مشكلتها . تجهل بأنها لن ترتاح بالبدائل ، لا الأطفال ، ولا الدراسة ، ولا المعارك الجانبية ... تعوّضها عن إرادة تفتّح الشعر من جسدها و روحها . لماذا لا نقول للمبدع الحقيقي كلمة صادقة ؟؟ . ما سبب المكر والشر والخسّة ؟؟ .
هي تعتقد:"ان جسد الأنثى هو العبء الأشد الذي تحمله المرأة منذ ولادتها وحتى تموت، وهو كينونتها في الوقت ذاته، عليه تنصب كل التقييدات الدينية، وهو نقطة ارتكاز التي تؤسس عليها منظومة العادات والتقاليد؛ فنتج من ذلك ان أصبح همّ الدين، والأسرة، والمجتمع الاهتمام بهذا الجسد المادي الفاني دون الأخذ بالاعتبار حقوقه الداخلية التي تمده بالبقاء، لذلك تنصب كتابات النساء على الدفاع عن الغبن الذي ألحقه الآخرون بهذا المركز، أي جسد الأنثى، لذلك أثرت ان أتكلم عن هذا المركز الذي يتعامل معه الآخرون بطريقة ملتبسة، وان حل قضية الجنس ستفتح مخارج لازمات اخلاقية تعصف بمجتمعاتنا وتسمها بانفصام حد بالشخصية الجمعية، مجتمع يصم آذانه ويسد عيونه عن ظواهر الجنس بتشكلاتها المختلفة والتي تنمو وتعيش وتعشش تحت جلد مجتمعاتنا، الكل يلمسها والكل ساكت عنها، انها ازمة ثوب الإمبراطور... فمن ينكر وجود أنماط الجنس التي توصف بالمنحرفة واللا اخلاقية بموجب الفهم (الرسمي) لمراكز السلطة ومنها الدين، مثل: السحاق واللواط وغيرها، والتي تعيش بيننا نلمسها ونجدها في اوساط هؤلاء الذين ينعتونها باقذع الصفات، انه مجتمع يخلق، ويستهلك كل منتجاته الجنسية، وخلطاتها، وفي الوقت ذاته ينكرها، ويتنكر لها!... وهي ترى ان المعاييرالاخلاقيةللمجتمع هي معايير مصالح نتنة، تجيز الزنى للرجل في حين تقتل المراة، بينما اجازة الزنى للرجل او تخفيفه او غض النظر عنه ينبغي وجود مسكوت عنه شريك غائب هو المراة التي تشارك في اتمام العمل الجنسي وتتحمل كل تبعاته!... وتضيف----
الرجل العربي مصاب بفصام شخصية اخلاقي مزمن، يجرم الانثى حسب درجة القربى، فيقمع اقرب النساء اليه، مستخدما: الدين، والعادات، والتقاليد المريضة، وهو يحاول التخلص من ذلك دون جدوى، فقد تجذرت بداخله، في لا وعيه، فهو يطالب: امه، واخته، وزوجته، وابنته المحافظة على عادات وتقاليد المجتمع، ويلهث خلف عشيقة متحررة تتفهم: حاجاته، وغرائزه، والرجل كائن غريزي بحت، يتأثر بابسط المؤثرات التي تشكل عليه اكراهات قاسية لايمكن غض الطرف عنها: الصوت، والصورة، وكل متعلقات الانثى: مواد زينة، وملابس داخلية، وعطور، وهذا ليس بشيء مبتذل، انها الطبيعة التي فطر الله بها الكائنات الحية".
وتختم اراءها بالقول---- - انا لااخاف احد مطلقا لاني لم ابث فكرا مسموما او مشوها، او استبحت حرمات، بالعكس اثبتت بنصوصي اني امراة على قدر جيد بالثقافة ولي قرائي وأؤثر بهم وافهم واتفهم انوثتي وحاجاتي و لم ائنف او أقرف من الجنس، بالعكس فقد ارتقيت بالجنس في نصوصي لمصاف الحان سماوية، او تراتيل ملائكية، ولكل شخص رايه، وهناك فرق شاسع مابين الايروتيكية والبورنو غرافية، لقد تناولت الجنس بصور رقيقة وراقية وكانت روحانية اكثر منها عضوي، اي اني حاولت قدر الامكان ان اصف رغبات الروح ومايعتريها من اللذائذ، والراحة، والمتع، ولم اكرس نصي لوصف ميكانيكي للجسد الذكوري او الانثوي، ان الجنس الادبي هو وصف علاقة حب روحية تكتمل بتواصل جسدين، لان الجسد مدخل الروح والروح مدخل الجسد...
سوسن امراة ثلاثينية وتكاد تكون اول امراة عراقية تكتب هذا النوع من الادب المحرم على النساء وخصوصا العراقية التي احتكرتها الحياة للحرب والموت والعزاء فهاي سوسن تعبر عن عراقيتها وتثبت انها امراة بكل المقاييس الطبيعية بالحب والجنس والحياة والادب .
هنا مقطع شجاع مُذهل للشاعرة المستحيلة سوسن السوداني .
تَرَفَّقْ بي
وأنتَ تدخلُ بواباتِ الحصونِ
تُداعبُ كلَّ الأوتار
فدلاءُ الليلِ
تجوسُ شقوقَ المتعةِ
يا فارس حربِ الردّةِ
أطبقْ فليسَ لغيرِكَ أيُّ حقوقٍ
بعد منتصفِ الليل
أطبقْ ....
فالليلُ يسعـِّر مواقدَ اللذةِ
تذوّقْ رحيقَ فمي
وتلذَّذْ بنتوءاتِ جسدي التي...
ترنو إليكَ بعتبٍ مرٍّ
حمراءَ قاتمةً
حمراءَ نافرةً
حمراءَ مشرئبةً ترتدُّ إليكَ
تدفعـُها رغبةٌ بالانتحارِ تحتـَكَ
فتذوقْ جسدي
إنّهُ يئنُّ تحتكَ
أطبقْ...
فالليلُ معكَ قوافلُ رغباتٍ محمومةٍ
أَنتَ دليلُ الرحلةِ
وأنا عمياء
لأنكَ تنشبُ نيرانـَكَ في كلِّ تفاصيلي
أطبقْ
لا تترك حسرةً في داخلي!