تعكس الاخلاق ثقافة الأمة وحضارتها ، فبقدر ما تعلو أخلاق الأمة تعلو حضارتها وتلفت الأنظار لها ويتحير أعداؤها فيها ، وبقدر ما تنحط أخلاقها وتضيع قيمها تنحط حضارتها وتذهب هيبتها بين الأمم .
فاذا شاعت في المجتمع الأخلاق الحسنة من الصدق والأمانة والعدل والنصح أمن الناس وحفظت الحقوق وقويت أواصر المحبة بين أفراد المجتمع وقلت الرذيلة .
والمتأمل في احوال الناس هده الايام يلحظ ضعفاً شديداً اصاب الجانب الاخلاقي على الاصعدة كافة الاسري والتعليمي والاعلامي , فبات الكثير من الشباب والفتيات لا يحسن آداب الصحبة ولا يحترم حقوق الصداقة ويبني علاقاته في الغالب على مجرد المصالح المادية أو الشهرة ، وقل من الأصحاب من يحفظ الود والوفاء ويكافأ المعروف ناهيك عمن يستعمل الكذب والحسد ونكران الجميل ، ومن السلوكيات السيئة أن يكون الصاحب ذا وجهين يأتي هؤلاء بوجه ويأتي هؤلاء بوجه ، وكثير من الأصحاب يحرص على صحبتك إذا أقبلت عليك الدنيا فإذا ذهبت عنك تنكرك وتناساك والله المستعان.
اما على مستوى التعليم فيلاحظ جفاء كثير من الطلاب للمعلمين وقلة إحترامهم حتى ذهبت هيبة المعلم لدى طلابه فالطالب يدخل الفصل بلا استئذان ويتحدث أثناء الدرس ويشاغب ويرفع صوته على المعلم ولا يكترث به بل ربما بلغ الأمر إلى منازعته والتعدي عليه ، ومما يؤسف له أن نظرة الطالب إلى المعلم في الغالب نظرة سيئة فيها استهزاء وتصيد للأخطاء والعيوب ، أما خارج المدرسة فالطالب لا يقيم وزنا للمعلم ألبتة ولا يظهر له أي احترام وتقدير ، وساهم في قلة احترام المعلم وهضم حقوقه عدم وجود نظام وقانون يحمي المعلم ويحفظ حقوقه.
الا ان اخطر مجال انعدمت او كادت تنعدم فية الاخلاق هو مجال الاعلام القادة الاعلاميون , فبعض العاملين في مجال الإعلام يفتقدون أخلاقيات هذه المهنة الخطيرة من الشفافية والوضوح والصدق والأمانة في نقل الأخبار وتحقيق الأهداف السامية من توعية المتلقي ونشر الثقافة الإسلامية والعربية وتوضيح الحقائق وعرض الأحداث عرضا مطابقا للواقع دون تدخل فيه .
ومن المؤسف أن تكون الإثارة هدفا في العمل الإعلامي ولو كان المحتوى تافها ، ونتيجة لهذه التجاوزات صار المتلقي العربي فاقد الثقة والمصداقية في كثير من الإعلام العربي بل أصبح كثير من الناس يثق بالإعلام الغربي أكثر من إعلام بلده .
ومن السلوكيات الخاطئة في إعلامنا عدم إعطاء المشاهد الحرية في إبداء رأيه في حدود الشرع بل كثير من برامجنا مسيسة قبل تنفيذها ، حتى وسائل الإتصالات بات بعض الناس يسيء إستخدام وسائل الإتصال ويستعملها في أمور سيئة ومقاصد خبيثة تؤذى المسلمين وتنغص عيشهم وتفسد فيما بينهم كاستخدام الهاتف في معاكسة البنات وإيذاء البيوت العفيفة , واستخدام الإنترنت في إشاعة الخلاعة والإباحية ,
, وهناك ظاهرة خطيرة بدأت تنتشر في أيامنا هذه وهى دخول المال والمصالح الخاصة والمنافع في شؤون الدعوة وأصبح تحصيل المال والمبالغة في جمع الدنيا مطلب مهم لبعض الدعاة في العمل الخيري والدعوى
أما الان الاوان لإعطاء أخلاق القوة والعزة والتمكين ما تستحقه من الاهتمام ؛ تعليماً وتربية .. فالأخلاق الفردية حسنة ، ولكن لا يصح تهميش أخلاق القوة الجماعية , وصدق امير الشعراء احمد شوقي حين قال بيته الشعري القديم الجديد انما الامم الاخلاق ما بقيت فان هم ذهبت اخلاقهم ذهبوا .