ما هي قصة النساء اللواتي يُغادرننا وهنّ لا يعرفن لماذا يُغادرننا، وما هي أسباب غيابهنّ المبكّر وهنّ في عمر الأزهار، ولا يعرفنَ معنى الشيخوخة وظهور التجاعيد، ولا فرحة احتضان الأحفاد في يوم قريب من الشيخوخة.
القرَف وربما الكفر لا يكفيان للكلام عن هذه الطريقة الوحشية التي تودي بحياتهنّ وهنّ لا يزلن في عمر الزهور.
قال المسيح دفاعًا عن المرأة، للذين كانوا سيرجمونها: "من منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر".
عندما كنتُ صغيرة، كنت أسمع في دير القمر أن تلك الصبية التي انتفخ بطنها، كانت حُبلى لأنها اختارت طريق "الرذيلة"، فأصبحت منبوذة كالمباعة للشيطان. وفجأة اكتشفَتْ أنها عذراء، وأن سرطانًا خبيثًا ضخّم بطنها، فماتت بعد قليل. ولم يخلّصها الندم من الألسنة الشريرة التي قضت على سمعتها وسمعة العائلة، ولم يعوضها عن الليالي التي أمضتها بالبكأ.
يقولون إن وصايا الله تطلب ألّا نَزْنِ، ولكننا اصبحنا في القرن الواحد والعشرين. ووصية "لا تزنِ" هي فقط للمرأة، في حين يستطيع الرجل تجاوزها وينكح كما يحلو له، والله يغفر له ويتفهّمه، ولولا شوي يسامحه. بمعنى أن كل هؤلاء الرجال الذين يعيشون مع النساء كعُشّاق، وأزواج افتراضيين، ورفاق وأصدقاء هم جميعهم مباركون عند ربهم، ما عدا نسائنا اللواتي يقابلهنّ ساطور الزّنا ويسمَح بكلّ القَصاصات لا بل يشجّعُ عليها لأنها تغسل شرف العائلة.
يُذكر ان ريمون اده قاوم جريمة الشرف، لأنّ بعضهم "يبرّر هذا التصرّف أحيانا كحجة لاقتسام الورثة (الميراث) كاقتسام الاراضي العائلية".
اليوم صار قتل الزوجة الشابة حادثًا يُثير الغضب مرحليًّا، ثم يهتم الناس بأشياء أُخرى.
فأنت يا من ذهبْتِ لتلاقي ربّك ولم تبلغي الثلاثين من عمرك، وتركْتِ اطفالا رغم ارادتك وقد مرّغوا صيتك بالوحل، انتِ أختنا تموتين عبثيًّا بأسماء مشبوهة ومرعبة وحقيرة وجائرة، وكأنّك جئتِ الى الحياة فقط ليمتصَّ أحدهم دمكِ ويبصقه في وجه أُمِّكِ.
كم هي مخجلة هذه الجريمة الوقحة. وكم نحن متخلّفون. كم القضاء ساذج و"غشيم" او متحامل!
يا ربّي ماذا يجري في لبناننا الذي كنا نفتخر بأننا تحت رعاية أرزته؟
ربي اغفر لنا خطايانا لتغفر لنا الصبيّات اللواتي يذهبن تباعًا من دون ان يُدركن أنّ قدرهنّ هو لعبة بين أيدٍ لا تعرف الايمان ولا الغفران!