وفقاً للأرقام والإحصائيات الصادرة عن مؤسسة الضمان الاجتماعي حتى تاريخ 31/7/2016، فقد بلغ عدد المشتركين الفعالين بالضمان الاجتماعي 1.183 مليون مشترك منهم 312 ألف مشتركة وبنسبة 26%. فيما بلغ عدد المتقاعدين 188 ألف متقاعد منهم 29 ألف متقاعدة وبنسبة 15% من إجمالي المتقاعدين. كما بلغت نسبة المستفديات من بدل إجازة الأمومة 25374 مؤمن عليها وبمبلغ إجمالي 28 مليون دينار.
وتربط جمعية معهد تضامن النساء الأردني "تضامن" هذه النسب المتدنية من إشتراكات النساء العاملات بالضمان الإجتماعي بضعف المشاركة الاقتصادية لهن على مدى عقود سابقة، مما أدى الى ضعف الحماية الاجتماعية المقدمة لهن وتراجع للعدالة الاجتماعية فيما بين الجنسين، ويؤثر ذلك كله على فرص تحقيق التنمية المستدامة.
والعدالة الإجتماعية تدل على المساواة بين الأفراد في الحقوق والواجبات ، أما نظرية رولز الشهيرة عن العدالة فتؤكد على أن اللامساواة الإقتصادية والإجتماعية يجب أن تنظم على نحو يجعلها تقدم للأفراد الأقل حظاً في المجتمع أكبر نفع ممكن من جهة، ويجعلها تتيح فى الوقت نفسه إمكانية الالتحاق بالوظائف والمواقع المختلفة أمام جميع الأفراد فى إطار من المساواة المنصفة فى الفرص من جهة أخرى.
وتضيف "تضامن" أن العدالة الإجتماعية تعني فرص متساوية في التعليم والصحة والعمل وتقلد المناصب العامة ، وأن تقوم هذه الفرص على مبدأ عدم التمييز بشكل عام ومبدأ عدم التمييز بين الجنسين بشكل خاص. وقد إعتمدت منظمة العمل الدولية في العام (2008) الإعلان الخاص بالوصول إلى العولمة المنصفة من خلال العدالة الإجتماعية بعنوان "إعلان منظمة العمل الدولية بشأن العدالة الإجتماعية من أجل عولمة عادلة" وهو مثال على مدى إلتزام منظومة الأمم المتحدة بالعمل على تحقيق العدالة الإجتماعية. فالإعلان يركز على ضمان حصول الجميع على حصة عادلة من ثمار العولمة مما يتأتى بتوفير فرص العمل والحماية الاجتماعية ومن خلال الحوار الاجتماعي وإعمال المبادئ والحقوق الأساسية.
وتؤكد "تضامن" أن لا عدالة إجتماعية يمكن أن تتحقق في ظل عدم المساواة والتمييز بين الجنسين ، وأن أي تقدم يمكن إحرازه للحد من ذلك يعد خطوة في الإتجاه الصحيح للوصول الى عدالة إجتماعية تعمل على دفع عملية التنمية المستدامة الى الأمام. وإن إزالة كافة أشكال التمييز ضد النساء في التشريعات وتمكينهن سياسياً وإقتصادياً وإجتماعياً من خلال دعم مشاركتهن السياسية ووصولهن الى مواقع صنع القرار ، وإتاحة فرص عمل وتدريب متساوية مع الرجال وحصولهن على أجور عمل متساوية ، والقضاء على العنف ضدهن والممارسات الضارة ، ووصولهن الى الخدمات الصحية والخدمات القانونية ، ستعمل جميهعا على التقدم نحو عدالة إجتماعية تخدم النساء والفئات المستضعفة والمهمشة وذوي الإحتياجات الخاصة.
من جهة أخرى ذات علاقة فقد أظهرت نتائج التعداد العام للسكان والمساكن لعام 2015 بأن الأردنيات يبدأن الإنسحاب من سوق العمل بعمر 30 عاماً، على الرغم من مستويات التعليم العالية لديهن وقدرتهن الجسدية للإستمرار بالعمل لفترات أطول، مما يحد من إمكانية وصولهن لمواقع صنع القرار ومن المشاركة الفعالة في التنمية الشاملة والمستدامة.
وتضيف "تضامن" بأن النساء خارج قوة العمل من مجموع النساء اللواتي تزيد أعمارهن عن 15 عاماً يشكلن ما نسبته 78.3%. ويقصد بخارج قوة العمل (غير النشيطات إقتصادياً) النساء اللواتي لا يعملن ولا يبحثن عن عمل وغير قادرات على العمل وغير متاحات للعمل ، ويشمل ذلك الطالبات ومدبرات المنازل والعاجزات ومن لهن دخل أو إيراد.
وأظهرت النتائج بأن الأردنيات النشيطات إقتصادياً من جميع الفئات العمرية (+15 عاماً) لم تتجاوز 21.7% مقابل 69% من الذكور، وتعتبر هذه النسبة متدنية جداً وتعكس ضياعاً كبيراً لطاقات وقدرات النساء الإقتصادية مما يؤثر سلباً على مستقبلهن ومستقبل مجتمعاتهن المحلية وعلى مستوى المملكة.
وتبدأ مشاركة الأردنيات بالنشاط الإقتصادي بعمر (15-19 عاماً) وبنسبة 4.4% وتواصل الإرتفاع في الفئة العمرية (20-24 عاماً) وبنسبة 24.9% لتصل الى قمتها بالفئة العمرية (25-29 عاماً) وبنسبة 37% لتبدأ بعدها عملية الإنسحاب من سوق العمل بدءاً من الفئة العمرية (30-34 عاماً) فتنخفض الى 33.5% ومن ثم تنخفض أكثر لتصل 28.9% بالفئة العمرية (35-39 عاماً) وتواصل الإنخفاض الى 26.3% بالفئة العمرية (40-44 عاماً) و 19.2% للفئة العمرية (45-49 عاماً) و 12.7% للفئة العمرية (50-54 عاماً) و 7% للفئة العمرية (55-59 عاماً) وأقلها 3.7% للفئة العمرية (60-64 عاماً).
وتجد "تضامن" بأن الانسحاب المبكر للنساء الأردنيات من سوق العمل إنعكس بشكل مباشر على زيادة معدلات البطالة بينهن، فخلال الربع الثاني من عام 2016 بلغ معدل البطالة بين الإناث 22.8% وبين الذكور 12.9% ليكون المعدل لكلا الجنسين 14.7%.
وكان الفرق واضحاً ما بين الذكور والإناث عند النظر الى نسبة المتعطلين من حملة شهادة البكالوريوس فأعلى حيث كانت النسبة للذكور 21.4% فيما بلغت للإناث 70.7%. وفي نفس الوقت بينت النتائج بأن 62.9% من قوة العمل من الإناث كان مستواهن التعليمي بكالوريوس فأعلى مقارنة مع 20.2% بين الذكور.
وبلغ معدل المشاركة الاقتصادية المنقح (قوة العمل منسوبة الى السكان 15 عاماً فأكثر) 13.3% للإناث و 61.3% للذكور.
وتعتقد "تضامن" بأن الإستثمار في الشباب للقضاء على الفقر بشكل خاص يستدعي الإستثمار بالشابات الأردنيات على وجه الخصوص وزيادة مشاركتهن الاقتصادية من خلال الوقوف على الأسباب الحقيقية الكامنة وراء خروجهن المبكر من سوق العمل وتذليل كافة العقبات التي تعترضهن. فكيف يمكن للشابات المساهمة في القضاء على الفقر دون أن تكون لهن مشاركة حقيقية وملموسة تخرجهن هن أنفسهن من اخطار الفقر حيث أن ظاهرة "تأنيث الفقر" لا زالت منتشرة ليس على مستوى الأردن فحسب وإنما تمتد الى الكثير من دول العالم.
وتدعو "تضامن" كافة النساء وخاصة الشابات منهن (وهي على علم ويقين بقدراتهن الإبداعية وأفكارهن الخلاقة) الى مواصلة نشاطهن الإقتصادي وعدم الخروج من سوق العمل كما تدعوهن للتقدم بمشاريعهن الخاصة في مختلف محافظات المملكة الى صندوق تنمية المحافظات ، والإستفادة من الفرص الإستثمارية التي يوفرها الصندوق ضمن شروط تيسيرية. كما تدعو كافة الجهات المعنية الى الأخذ بعين الإعتبار إحتياجات النساء وضرورة إشراكهن وإدماجهن في أية سياسات أو خطط تنفيذية أو لجان تهدف الى تنمية المحافظات وتقليل نسب البطالة والقضاء على جيوب الفقر ، والى ضمان وصول الخدمات والفرص لكل أفراد المجتمع رجالاً ونساءاً دون تمييز.
تؤكد "تضامن" على أنه وفي ظل الأرقام التي تبين وبوضوح معدلات البطالة المرتفعة بين النساء والفجوة بالأجور ما بين النساء والرجال عن الأعمال ذات القيم المتساوية ، ومع عدم وجود تشريعات قانونية غير تمييزية وتنص صراحة عن حق النساء في الأجر المتساوي عن العمل ذي القيمة المتساوية ، ومع تواصل التمثيل النسائي الضعيف في النقابات العمالية والهيئات واللجان النقابية ، ومع إرتفاع معدلات الفقر بين النساء ، وتدني نسبة وجود النساء العاملات في مواقع صنع القرار ، فإن تأثير جهود الحد من الفجوة الجندرية ستبقى ضعيفة ولربما لن تسهم في عدم إتساعها.