البكاء تحت الدوش في الحمام لا نعرفه نحن الرجال، تعلمه النساء، وهن يزلن عن أجسادهن آثار الدم البنفسجي المحتقن من الضرب، وهن يغسلن غبار التهميش من رجال يمشون أمامهن ويخجلون أن يمشوا بجانبهن.
من يبكين في الحمام ليخفين ضعفهن، ويخرجن بضحكة تشيح نظر الرائين عن جفونهن المنتفخة وعيونهن المحمرّة، هؤلاء لهن أجمل عيون على الأرض، عيون تنسى وجعها لترسم على وجه طفلها ابتسامة، وعيون تبحث عن رجل يجعلها أمّا للأرواح التي تسكنها، ورموش مرتعشة لفتاة تخفي حبها من سطوة والديها...
اسألوا الماء كم دمعة طهّرته تحت الدوش لتعرفوا لماذا أخجل من ذكوريتي! ناضلنا دفاعا عن الله والوطن ولاسترداد أموالنا المسروقة، ولم نهتم للظلم الواقع على النساء! وأنتنّ تتجهن لصناديق الاقتراع وقبل أن تعطين أصواتكن لذكر اسألوه عن موقفه من التحرش، من العنف، من الكذب، من حقوق النسب، من حقّ المرأة في إعطاء زوجها وأولادها جنسيتها، وفي نقل أولادها دون موافقة (الرب)، وزواجها مرة أخرى دون أن تفقدهم لصالح الأب، فليأخذ الأب موافقتها قبل أن يهرب بالأولاد ليتزوج من ثانية تعطيه جنسية أخرى في بلاد تحترم فيها الإنسانية... اسألوا المرشحين عن مواقفهم من إجازة الأمومة، عن تقصير الدولة في توفير دور حضانة ،عن نظام التقاعد، واعتبار ربة المنزلة إمرأة عاملة لا تابعة... ولا تكتفين بالإجابات، انظرن لمواقع نسائهم، وأين هنّ من المشاركة في صنع القرار، لماذا يختبئن خلف أزواجهن... لا تنتخبن من لا يؤمن أن من حقكن نصف المقاعد بالبرلمان، ليتحقق العدل في التمثيل النسبي، لا تصدقن شعارات كاذبة على لافتات الشوارع مكتوب عليها أنكن نصف المجتمع! طالبن يإغلاق المؤسسات النسوية التي لا تنزل للشارع وتكتفي موظفاتها برواتبهن في آخر الشهر، ومكافئة بكرسي في مجلس الأعيان! طالبن بمحاكمة القاضي الذي رفض شهادة امرأة غير محجبة، بإقالة رئيس التحرير الذي يشترط عليكن المرور بسريره قبل نشر إحدى قصائدكن، الشيخ الذي زوّج قاصرا تحت ضغط والديها، والطبيب الذي يخترق خصوصيتكن ليحكم على سلامة غشاء البكارة بطلب من أهل العريس!
لا أخجل أن أقول أنّي كالنساء أبكي أحياناً تحت الدوش، خجلاً من صمتي عن حقوقهن، ثم أضحك بهستيريا وأقول (اقعدي يا هند)! وأضحك على فتاة تظّن أنها بلغت منتهى الحرية وهي تقود السيارة في منتصف الليل، والهواء يطيّر شعرها المفرود، هربت من عيون النهار التي تلاحقها، وأخفت ملامحها حين خرجت من دون حجاب، أضحك على ما تراه منتهى الحرية!................
عليكن اللعنة يا من تقبلن الصمت على تحرّش وترضين الضرب والسكوت من أجل السمعة، ويا من تقبلن تكميم أفواهكن، وتتبعن أزواجكن لتعطين أصواتكن لمن يقمعكن! بيعت حقوقكن في صفقة بين رجال الدين وشيوخ العشائر والقضاة... هم ذاتهم هؤلاء من يطالبونكم بخفض أصواتكن اليوم، سيأتون غداً باحثين عن صوتكن "العورة" لتمنحنه لهم في صناديق الاقتراع، واثقين في قدرتهم على خداع عقولكن "الناقصة"!
سوأة الذكور تُخجل أكثر من عوراتكن بفضل سوأتنا كذكور، أخفيناكنّ وئداً... اذهبن للبرلمان، أرضعن أطفالكن وأنتن تدافعن عن غد أفضل لهم، لا تربوهم على مبدأ أن للذكر حظّ اثنتين، سيخاف دعاة الحضارة أن يطرقوا هذا الباب، هم في خيمة للانتخابات يعيدون أمجادهم في البقاء في خيام البدو الرّحل الذين يبحثون عن سطو وقطع لطريق ليشعروا بهيبتهم! باب البرلمان أمامكن اكسرنه بكعوبكن العالية التي تمنعكن من الركض، اقلبن طاولات العدل غير العادل، وانتصرن لأنفسكن! لن يعلم عنكن أحد وأنتن تبكين تحت الدوش في الحمام، أظافركن أقوى من دموعكن، احفرن طريقكن خارج هذا النفق!