يعاني الناس في منطقة الشرق الأوسط عمومًا انخفاض معدلات فيتامين (د) وانتشار السمنة، وهما سببان يؤثران سلبًا على فرص الإنجاب والخصوبة. ونتيجة لذلك، تبرز أهمية تبني وتطوير استراتيجيات لتعليم وتثقيف الأزواج نحو الموضوعات المتعلقة بالصحة العامة، وزيادة درجة الوعي العام إزاء العوامل المؤثرة بشكل مباشر على خصوبة الإناث وقدراتهن الإنجابية.
ويؤدي نقص فيتامين "د" إلى انخفاض احتمالات حدوث الحمل، وكذلك زيادة خطر المضاعفات في أثناء الحمل. ويرتبط نقص فيتامين (د) بحالة انخفاض احتياطي المبيضين الناجمة عن ارتفاع هورمون مولـّر المثبط (AMH). وفضلاً عن ذلك، يؤثر نقص هذا الفيتامين في نوعية وجودة البويضات، وكما تتدنى معدلات نجاح حدوث الحمل عند خضوع المرأة لعلاج العقم.
وفي منطقة الشرق الأوسط، تسهم عوامل مختلفة في تدني التعرض للشمس، ما يؤدي إلى انخفاض مستوى فيتامين (د) لدى الإناث في سن الإنجاب، بما في ذلك الملابس التقليدية، والابتعاد عن التعرض للشمس بسبب ارتفاع درجات الحرارة خلال فضل الصيف. وبحسب تقارير الدراسات، فقد تبين أن دول الشرق الأوسط تعاني أعلى معدلات نقص فيتامين "د" على مستوى العالم، حيث تبين أن نسبة المصابين بنقص الفيتامين في إيران تصل إلى 67%، بينما تتراوح النسبة في الأردن من 55-83%، و 84% في لبنان، وترتفع النسبة ذاتها في المملكة العربية السعودية لتصل إلى 90%.
ويرتبط نقص فيتامين (د) مع نقص المدخول الغذائي من هذا الفيتامين المهم، بالإضافة إلى الظروف البيئية، فضلاً عن زيادة الوقت الذي يقضيه بعض الأشخاص داخل الأماكن المغلقة خلال الأنشطة اليومية، مثل مشاهدة التلفاز أو تصفح الإنترنت وما إلى ذلك.
وفقاً لذلك، تم اقتراح عدد من التدابير لمواجهة تلك العوامل في دول عديدة، مثل لبنان والأردن والمملكة العربية السعودية وتركيا وإيران. وتشمل تلك التدابير استغلال وفرة فيتامين (د) في الحليب ومنتجات الألبان والعديد من الأطعمة والمشروبات الأخرى، أو استخدام أقراص فيتامين (د)، وكذلك التشجيع على تبني أنماط حياة صحية نشطة في الأماكن المفتوحة.
ويبدو أيضاً أن مؤشر كتلة الجسم (أكبر من 30 كيلوغرام/ متر مربع) يرتبط ارتباطاً وثيقاً مع زيادة خطر العقم بسبب تشوهات الهورمونات وضعف الإباضة. وبشكل خاص، ترتبط حالات اضطراب الطمث والإباضة وانخفاض معدلات الحمل مع السمنة، بسبب تأثيرها المباشر على منطقة المهاد، الغدة النخامية-المبيض (HPO).
وأشارت دراسات عديدة إلى أن النساء البدينات اللاتي يخضعن لعمليات أطفال الأنابيب لا يستجبن بشكل جديد لعمليات تحفيز المبيض (COH)، وقد يفشل الحمل من هذا النوع عند المرأة المصابة بالبدانة مقارنة بالنساء ذوات الأوزان الصحية. بالإضافة إلى ذلك، فإن زيادة مؤشر كتلة الجسم ترتبط بهورمونات المحرضات التناسلية "الغونادوتروبينات"، وحالات انخفاض معدلات الحمل " PRs"، وقلة أعداد البويضات، وارتفاع احتمالات الإجهاض، وذلك بين النساء اللواتي يخضعن لتقنيات المساعدة على الإنجاب " ART". وهناك آلية إضافية ممكنة تشرح لنا ارتباط السمنة بانخفاض معدلات الإنجاب، وهي انخفاض جودة بطانة الرحم (الطبقة المغلفة للرحم من الداخل).
يرتبط انتشار ظاهرة السمنة بشكل كبير بين سكان دول مجلس التعاون الخليجي بشكل وثيق بمعدلات التطور الاقتصادي الكبيرة، وهو ما أدى بشكل أساسي إلى زيادة استهلاك المدخلات الغذائية وتنوعها، وتبني أنماط حياتية غير صحية. ومن ناحية أخرى، تسهم قلة الحركة والعوامل الصحية الوراثية بين أفراد العائلة والتحول إلى الحياة المدنية وقلة النشاط البدني وتناول الوجبات الغذائية مرتفعة السعرات الحرارية في انتشار السمنة بين النساء في المنطقة.
وبناءً على ما تقدم، يكون من الضروري تبني العديد من الإجراءات، مثل إدارة الإجهاد، وممارسة الأنشطة الرياضية، وتحسين نمط الحياة، واتباع الحلول والتدابير الفعالة من أجل إدارة وعلاج مشكلات البدانة المنتشرة في دول الشرق الأوسط.