حسان طفل سوري جميل هاجر هربا من شبح الموت الذي يسد كل الآفاق في بلده كان عزيزا في وطنه يعيش حياة ملأها الحب والأمل لم يكن يعرف معنا للحرمان إلى أن آلت أمور بلاده إلى هذا الوضع الذي يبكي الصم . هاجر حسان مع والدته ذات الأعوام الخمسة والثلاثين وأخته التي تحمل فوق كاهلها خمس عشرة سنة بحساب الزمن وأكثر من ذلك بكثير بحكم الواقع والظروف التي ألمت بها. أما والده فقد قضى شهيداً تحت أنقاض بيته جراء سقوط براميل الحقد السوداء فوقه .
هاجر حسان وأسرته علهم يجدون يدا حانية ومأوى آمنا يخفف بعضا من معاناتهم ويضع حدا لمآسيهم التي لا تنسى.
لكن الأسرة اصطدمت بواقع مفجع مفزع فالأمان الذي يبحثون عنه فيه دخن لأن الأم بين الفينة والأخرى تتعرض لتحرش ذئاب الطرقات والأخت اضطرت للعمل لدى أسرة ثرية كي تساعد أخيها ببضع دريهمات يسددن بعضا من حاجتهم. أما حسان فكان يخرج من الصباح الباكر ليبيع الخبز على الأرصفة ولا يعود إلا بعد العشاء وقد أنهكه التعب فما أبقى له من قوة إلا أن يزدرد بضع لقيمات من طعام الفقراء ومن ثم يضع رأسه على الوسادة ليغط في نوم عميق يظهر على ملامح صاحبه الإرهاق والحزن الشديدين.
كان صاحبنا حسان يمر خلال تجواله لبيع الخبز أمام متاجر لبيع الثياب فلا يلتفت لها بسبب انهماكه في العمل إلى أن حصل معه في أحد الأيام أمرا محزنا للغاية ألا وهو إرادة صبي مترف وشرير مع مجموعة من رفاقه التسلية من خلال اللعب بمشاعر حسان فوقف الطفل قبالة حسان وطلب منه الخبز لكنه رفض أن بدفع له ثمنه فاستشاط حسان غضباً وأراد أن يأخذ حقه بالقوة لكن مجموعة الأطفال ساندوا صديقهم الشرير وأمسكوا بحسان لينهال عليه الشرير ضربا ويمزق قميصه الذي ليس لديه إلاه. ويتركه على هذه الحال وضحكات السخرية والاستهزاء تملأ المكان. لاذ حسان بالصمت وتماسك وبعدها مضى في طريقه إلى مكان إقامته مارا أمام ذات المتاجر التي ملأت ثيابا باهظة الأثمان لكنه هذه المرة التفت إلى الدمية (الملكان )التي تعرض من خلالها الثياب وقال لها مخاطباً /أيتها الدمية أنا أحق بتلك الثياب منك /(احفظوا تلك العبارة جيدا عن حسان. لأنها بلسان حال كل الفقراء من أمثال حسان )
وفور وصوله إلى البيت أخبر أمه وأخته أنه قرر العودة إلى الوطن فرغم كل المآسي فهو من يستر ما به وما آلت إليه حاله. وبالفعل رجع حسان برفقة أمه وأخته واستمر مقاوما وتابع تعليمه وكذلك أخته وهم الآن يحملون هم أبناء بلدهم بقوة وثبات بعد أن أصبح حسان مهندسا ذو شأن وأصبحت أخته طبيبة تعالج جراحات المرضى وتحنو على الفقراء منهم.
وبالمناسبة فإن حسان وأخته وأمه اليوم لا ينسون ما مروا به من مآسي فهم لذلك خصصوا يوم الجمعة من كل أسبوع لأعمال الخير التي يقومون بها بأنفسهم فهم يعدون الثياب العطرة والأنيقة وأطباق الطعام الصحية واللذيذة ويذهبون بسيارته حسان الخاصة إلى بيوتات الفقراء كي يخففوا بعضا مما ذاقوا في سالف أيامهم.