أعتذر في البداية عن اختيار العنوان أعلاه، لكونه ينافي الذوق العام والأخلاق وحتى الفطرة الإنسانية السوية، إلا أنني تعمدت اختياره باعتباره مثلاً شعبياً جرى على ألسن العامة وصار متداولاً.
وللتوضيح فإن المقصود بهذا المثل هو اتهام النساء عموماً بأنهن ناكرات للعشرة والمعروف والجميل، ونسمع في حياتنا الكثير من الرجال يوردون هذا المثل أو تشبيهات قريبة منه، عند حديثهن عن زوجاتهن، وشريكات حياتهن.
يقول الرجال إن النساء يمدحن الرجل مادمن راضيات عنه، إلا أنهن مع أول خلاف أو سوء تفاهم ينسين كل جميل عمله الرجل معهن، ويتحدثن بأنهن لم يرين في حياتهن معه إلا الهم والغم، وأنه لم يقدّم لهن إلا الشقاء والتعاسة، أو اتهامهن المتكرر لأزواجهن بأنهم دائمو الانشغال عنهن.
ومن نافلة القول، ذكر أن التعميم على أن تصرفات البشر متطابقة أو متشابهة هو مفهوم خاطئ، فلكل إنسان، ذكراً كان أو أنثى، طبيعته الخاصة، وتصرفاته التي تميّزه عن الآخر. صحيحٌ أن هناك ملامح مشتركة بين البشر، وملامح أخرى مشتركة حسب الجندر (الجنس)، إلا أن السمات النفسية تختلف تماماً بين الأخ وأخيه، فما بالكم بالآخرين.
وعليه، فإن التعميم على النساء أنهن ناكرات للمعروف والعشرة، هو تعميم سطحي يفتقر إلى الدليل المنطقي غالباً، ولكن هنا يجب لفت النظر إلى أن الرجل عليه قبل أن يتلفظ بهذا الوصف أن يفهم طبيعة تكوين نفسية المرأة ونمط تفكيرها، فتفكير الرجال يختلف عنهن، فـ»النساء من الزهرة والرجال من المريخ»، كما يقال، لذلك لا يجوز لنا أن نحكم على تصرفات شريكات حياتنا من منطق تفكيرنا الذكوري.
ما نعرفه نحن الرجال نظرياً عن المرأة، ولكننا ننساه في كثير من المواقف التي تصادفهم في علاقتهم معها، أن النساء عاطفيات جداً، وحساسات إلى درجة قد لا نفهمها ونقدرها كرجال أحياناً، وأن أغلب ما تتلفظ به المرأة في لحظات الغضب والتعب ليس أكثر من زلاّت لسان، على عكس الرجل الذي تخرج ألفاظه مكنونات قلبه الحقيقية في كثير من الأحيان، كما أن المرأة لا تملك في كثير من المواقف إلا لسانها للتعبير عن ضيقها وغضبها، وهي ما أن تهدأ حتى تسعى غالباً لإصلاح ما تلفظت به وإبداء الندم عليه، على عكس الرجل الذي يملك من وسائل التعبير الكثير، كالخروج من المنزل مثلاً في لحظات الضيق والغضب.
كما علينا أن ندرك جيداً كأزواج، أن المرأة تمر بظروف نفسية أكثر من الرجل بسبب طبيعتها الأنثوية، وعلينا أن ندرك أن إحاطة الزوجة بالحنان والحب والمودة هو أجدى بكثيرٍ من الاندفاع نحو تصديق مثل هذه العبارات التي تصف المرأة بما ليس فيها، وبناء المواقف عليها، وزيادة الشحن المتبادل.
علينا كرجال أن نؤمن في داخلنا أن نساءنا لسن ناكرات للمعروف أبداً، لا نقبل بأن يتحدث أحدنا بهذه الصفة عن شريكات حياتنا ولو على وجه الإطلاق، لأنهن على العكس من ذلك، وفيات صابرات صائنات للمعروف، محبات لأزواجهن وأسرهن.