تماماً كما يدّعي المهتمون بدراسات الجريمة أمثال إلبرت بندورا قدرة الإعلام على زيادة العنف، وكما يدّعي المهتمون بدراسات المواطنة والشعوب، لعل أحدهم إرنست جلنر، قدرة الإعلام على زيادة انتماء الفرد لثقافته ومكانه؛ يكرر المهتمون بدراسات الأنوثة والرجولة اتهامهم الإعلام بالتسبب في تنميط نظرة كل جنس للجنس الآخر عن طريق تكرار عرض أفكار معينة وقليلة عن الرجل وعن المرأة. لكن، لأسباب يطول شرحها تزداد مشكلات العرض الإعلامي للمرأة تحديداً في مجتمعنا العربي وتصل المشكلة أوجها في الإعلام الخليجي. تقول المصرية نوال سعداوي "إن قلة عدد النساء المهتمات بعقلهن أكثر من رموشهنّ وأظافرهن ظاهرة موجودة في المجتمع العربي، وهي ظاهرة لا تدل على أن المرأة ناقصة عقل، ولكنها تدل على أن التربية التي تتلقاها البنت منذ الطفولة تخلق منها امرأة سطحية التفكير". لطالما كانت الأمثال الموروثة والمواد الإعلامية التقليدية التي تتردد على مسامعنا تعزز فينا استصغارنا للمرأة واستضعافنا لقدراتها.
ونحن بدورنا في معظم الأحيان لا نرجع إلى أحكام إسلامية في ذلك، بل ندّعم آراءنا بأحاديث معظمها ضعيفة أو موضوعة على الرسول صلى الله عليه وسلم.
يتساءل أحد كتّاب صحيفة الجارديان البريطانية أثناء أولمبياد ريو 2016: لماذا حين تفوز بالميدالية الذهبية امرأة يبدأ الناس من كل مكان في العالم بتقييم تناسق جسدها وشعرها بدلاً من صعوبة المواجهة التي خاضتها، أو كم الساعات الهائل الذي قضته في التمارين. لماذا تتم الاستهانة في الإنجاز الرياضي إذا كانت البطلة فيه امرأة؟ إن الطريقة التي ننظر بها إلى المرأة اليوم هي محصول آراء سمعناها وأفلام شاهدناها وربما مطويات قرأناها أو نصائح وُجهّت إلينا إلا أن كل ذلك قد لا يتطابق مع الحقائق الأيديولوجية والفيسولوجية التي تتسم بها المرأة. تُصدر المراكز الإعلامية بالغرب دراسات إحصائية حول المرات التي تكرر فيها عرض المرأة بشكل تجسيدي ودنيوي وسطحي في المنتجات الإعلامية والأدبية مقارنة بالمرات التي ظهرت المرأة فيها بشكل موضوعي وبطولي وكجزء من الحدث، ومع الأسف ترجح دائما كفة ذوي النظرة القاصرة للمرأة. صفّق الناقدون الغرب كثيرا لمخرج فيلم باتمان ضد سوبرمان "زاك سنيدر" لأنه أشرك امرأة في بطولة الفيلم، وكان دورها لا يقل في القوة والدهاء عن دور البطلين باتمان وسوبرمان. خطوات مثل هذه تعاكس التيار التآمري الإعلامي ضد المرأة، بل وتحسّن إدراكنا فيما يخص قضايا المرأة.
أعلنت دولة الإمارات في يوم المرأة الإماراتية الوطني قبل أسبوع من تاريخ كتابة هذا المقال وصول عدد من النساء المنخرطات في القطاع البنكي 70% إضافة إلى تعيين إماراتيات وزيرات وقائدات بمناصب عليا في البلد، مما يجعل الإمارات الدولة الأولى عربيا في تمكين المرأة. أما عالمياً، فقد تبوأت النساء ما يقارب 65% من المقاعد في السياسة ومجالس البرلمان في جمهورية رواندا. تفوقت جمهورية رواندا وفقا لبنك المعلومات العالمي على الدول الأوروبية في مدى تمكينها للمرأة بصناعة القرار سياسيا، حيث إن المقاعد النسائية في النمسا ونيوزلندا وأميركا وبقية الدول الغربية تتراوح بين 20% إلى 40%. يذكر أن أكثر من ثلث سكان الدولة الأولى بالعالم في تمكين المرأة بقطاع السياسة والولاية هم من المسلمين، مما يؤكد أن مشكلتنا مع المرأة ليست دينية ولا عرقية بل اجتماعية وإعلامية.