الارشيف / عالم المرأة / أخبار المرأة

مأساة المرأة السورية .. إلى متى؟

  • 1/2
  • 2/2

مريم‭ ‬شهاب - " وكالة أخبار المرأة "

 لا زلت أحتفظ بعددٍ من مجلة المختار العربية، التي كانت منتشرة في القرن الماضي نظراً للدقة والتمحيص في نشر موادها للقارئ. فيها مقال رائع كتبته إحدى الراهبات المسيحيات تتحدث فيه عن نظافة المرأة الشرقية وحبها للإستحمام والنظافة وسعيها للأناقة والشياكة. أحببت أن أشارك القراء ببعض ما ورد في المقال، كبرهان بأن المرأة العربية في الماضي القريب كانت تهتم بجمالها وأناقتها بصورة أفضل وأرقى من هذه الأيام.
كتبت الراهبة بإعجاب ووصفت انطباعاتها أثناء زيارتها لدمشق في القرن التاسع عشر، وقالت إن الحمامات في جميع أنحاء الشرق كانت معروفة وتقع تحت اشراف الحكومة المحلية لتقوم بصيانتها وتعمل على نظافتها. وكانت الحمامات عادة تفتح في النصف الأول من النهار للنساء والنصف الآخر للرجال.
في صيف 1825 دعت إحدى العائلات الدمشقية، الراهبة لحضور احتفال بمناسبة خاصة. ولذلك فقد تم تأجير الحمّام للنساء فقط من الساعة الثامنة صباحاً حتى الساعة الرابعة بعد الظهر. كانت المناسبة عرساً. وجدت أن الحمام ينقسم إلى عدة أقسام أو حجرات؛ القسم الأول بنفس حرارة الجو الخارجي والقسم الثاني أكثر دفئاً وقسم ثالث معد خصيصاً لإستلقاء النساء خلال ساعاتهن في الحمام وفيه تنزع النساء ملابسهن استعداداً للإغتسال. أما القسم الرابع فهو أكثر حرارة وفيه تتم عملية الإستحمام والإغتسال والتدليك.
تتابع الراهبة قائلة: وصلت إلى الحمام حوالي الثانية عشرة ظهراً. كنت آخر الواصلات، إذ أن معظم المدعوات وصلن في الثامنة صباحاً. عندما دخلت الغرفة وجدت حشداً من النساء لا يقل عن ثلاثمئة امرأة من كافة المستويات، يبدو عليهن الانشراح والبهجة.كان  بعضهن في الحمام وبعضهن مسترخيات ويمططن أجسامهن وأطرافهن على المساطب في الغرف الثانية. وكانت هناك أخريات يأكلن الحلوى وتشربن القهوة، وأخريات تدخن الأركيلة أو تغنين وترقصن، والأغلبية تتحادثن وتتضاحكن فيما بينهن.
توضح الراهبة قائلة: في الحقيقة لم أر نساء بهذا المرح والإنشراح، وتضيف قائلة: هذا هو النعيم ولا بلاش! وهل هناك تنعم أكثر من التمتع بالحمام الشرقي حيث تلتقي المرأة بصديقاتها ومعارفها، وفيه تبوح بأحزانها وتشارك مسراتها بلا قيود مع صديقات حميمات إلى قلبها.
هذا ما كتبته الراهبة المسيحية قبل مئة وخمسين سنة عن المرأة العربية السورية.
أما الآن، فيا حسرة وألف آه وألف لوعة، لم يعد هناك حجر على حجر في دمشق، ولم يعد هناك بناء في حلب لم يهتز، ولم يعد هناك رجل أو إمرأة أو طفل لم تفجعه وتصم آذانه أصوات المدافع والطائرات والصواريخ والتفجيرات.
سوريا الحبيبة كلها أصبحت غارقة بالدماء والدموع والبغضاء. لم تعد هناك حمامات ولم تعد هناك مستحِمَّات. الحمامات تدمَّرت وهُدمت والسيدات الراقيات الآدميات إما ترمَّلن أو تشرَّدن أو غرقن أو ثكلن أو ملأ الخوف قلوبهن. كيف سيأتي عيد الأضحى للسنة الخامسة والأم السورية حزينة باكية، تتشرد في بلاد العالم بلا مأوى وبلا طعام؟ ما هو الذنب الذي جنته المرأة السورية لتموت غرقاً أو جوعاً أو هرباً من جور ذوي القربى وظلمهم؟ وإلى متى عليها أن تدفع الثمن الباهظ وهل ستستمر مأساتها مثل الأم الفلسطينية؟

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى